يبدو أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة مكتوب عليه أن يعيش في وضع مأساوي لا يحسده عليه أحد، فالقطاع أصبح محاصرًا برًّا وبحرًا وجوًّا من جميع الجهات؛ حتّى تلك التي يُفترض أن يجد فيها الملجأ والنصرة. وما عدا أصوات قليلة تصدر بخجل من حين لآخر دفاعًا عن حق الشعب الفلسطيني في الحياة، فإن هذا الشعب يرزح تحت عبء الاحتلال والتسويف في الوصول إلى تسوية نهائية للمُشكل الفلسطيني، أو تخفيف عبء الاحتلال عنه.. وعلاوة على قفل كافة المعابر والطرق التي يمكن أن يصل الغذاء والدواء والمواد الأساسية للعيش عن طريقها، فإن شعب غزة محروم حتى من مظاهر الدعم المعنوي الذي يسعى أصحابه الى تأييد الفلسطينيين بالكلمة المجردة. حيث يُمنع ناشطون دوليون من الوصول إلى قطاع غزة تحت مختلف الأعذار والحجج. لذا فإن ما أعلنته مجموعة من 16 منظمة غير حكومية في تقرير نُشر حديثًا في باريس من أن الشعب الفلسطيني «غدر به» المجتمع الدولي من خلال عدم توصله إلى ترجمة أقواله إلى أفعال من أجل إنهاء الحصار الإسرائيلي لغزة هو خير تعبير لعمق المأساة التي يعانيها الشعب الفلسطيني. إن مأساة هذا الشعب لا تتمثل فقط في الحصار المستمر منذ نحو عامين من جانب إسرائيل، الذي اعتبره وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت «أمرًا غير مقبول أخلاقيًّا»، ولا من قِبل ما يُثار حول «الجدار الفولاذي» الذي يُقام بين مصر وقطاع غزة، ولكن في «القلوب الفولاذية»، ومن غياب الضمير والإحساس بعمق المأساة التي يعيشها هذا الشعب تحت نير الاحتلال البغيض.