* لا زال سكان محافظة جدة يعانون من كابوس كارثة السيول الاخيرة، فالذي حدث فاجعة مؤلمة ذهب على اثرها العشرات من الابرياء، وتهدم العديد من المنازل التي كان أهلها آمنين.. وتدمر جانب كبير من الانجازات التي تحققت وعادت المحافظة سنوات عديدة للوراء. * ان ما حدث في محافظة جدة كشف جزءاً من الفساد الضارب في عمق عدد من المرافق والادارات.. وهناك مرافق وادارات أخرى سواء في هذه المحافظة أو في غيرها تعاني من تفشي الفساد الاداري والمالي والاخلاقي.. فهل نحتاج الى كوارث حتى نستفيق ونكتشف الفساد والاخطاء وتبدأ المعالجات؟! * الى متى نظل رد فعل للاخطاء و الكوارث.. لماذا لا نكون مصدر الافعال والمبادرات الايجابية... لماذا لا نكون دائما محل الامانة والثقة والواجب الوطني.. هل العيب في الاشخاص ام في الانظمة والقوانين غير الصارمة وغير الشفافة.. ام في تجاهل تطبيقها بسبب المحسوبية والمنافع الذاتية، أم في القدوة غير الحسنة، أو بها جميعاً؟! * لطالما قلنا بانه من غير المعقول أن نظل بعد اكثر من ثلاثين عاماً على الخطط التنموية نتحدث ونعالج اموراً بديهية يفترض أننا قد انتهينا منها وتجاوزناها منذ الخطة الخمسية الاولى.. ومنها البنى التحتية وهي من أولويات التخطيط والانشاءات في كل دول العالم حتى الاقل منا امكانات.. فمن يقف خلف هذا التعطيل ومن هم المستفيدون من ذلك؟! * لطالما طالبنا بوجوب مساءلة ومحاسبة كل موظف (مهما كان) تم تعيينه في وظيفة عامة وكان وضعه المالي عند التعيين متواضعاً وعاديا ثم اصبح بعد بضع سنوات قليلة من تعيينه من اصحاب كبار رؤوس الاموال والعقارات والمخططات وغيرها (من أين أتاهم كل ذلك؟!) لكن شيئاً لم يتم بهذا الخصوص، وكأن وراء الاكمة ما وراءها.. وستظل هذه المطالبة قائمة ما دام نفس الوضع قائماً لانها اساس كشف كل فساد وحماية المواطن وموارده وانجازاته. * لقد جاء الامر الملكي (التاريخي) ليرفع الغطاء عن كائن من كان ومساءلة الجميع دون استثناء لأحد مهما كان ومهما كان موقعه ووضعه لأننا أمام الشرع والقانون سواسية، ولن يكون هناك عذر لاحد بعد هذا الامر بعدم تطبيق الشرع والقانون على الجميع دون اي تفرقة او محسوبية، ولا بد من تضافر كل الجهود لتخليص الوطن من كل العابثين بموارده وانجازاته. * اننا نضع ثقتنا بلجنة تقصي الحقائق لما حدث في محافظة جدة لأن الامانة قد ذهبت اليها ولانها في مستوى هذه الامانة والمسؤولية الوطنية بمشيئة الله ويتطلع اليها كل المواطنين لا سيما سكان المحافظة بكل ترقب لانصافهم وانصاف الوطن من كل المتسببين في الكارثة مع ثقة الجميع بأن الأمور ستسير بكل جدية وامانة وشفافية وعدم الأخذ في الحق والعدل لومة لائم. * ان نجاح اللجنة في المهام الموكلة اليها سوف يعيد الثقة للمواطن وستكون نبراساً بأن ما يطال محافظة جدة سوف يطال غيرها.. وتنطلق المشاريع والانجازات بكل امانة ومسؤولية ويتحقق ما كان يجب تحقيقه منذ سنوات عديدة مضت. * ان دور الصحافة ووسائل الاعلام وهي السلطة الرابعة في عرف الدول المتمدنة والقانونية والعين الثالثة للدولة يظل هاماً واساسياً في متابعة وملاحقة كل اشكال المخالفات والتجاوزات والفساد، وكشف كل من يقف خلفها.. وان تقوم بهذا الدور بكل ثقة ومسؤولية وعدم التردد او الخشية، وان تجعل للرأي العام احترامه الطبيعي... وان لا تكون الكراسي والمناصب اهم من الوطن وبالله التوفيق.