* سألني أحد الأصدقاء: هل نجحت أمانة جدة في التعامل مع كارثة السيول؟!. * قلت له الذي أعرفه: إن الأمانة بريئة من أسباب الكارثة. * قال لي: ما حدث قضاء وقدر، ولكن أسألك عن ما بعد الكارثة، كيف كان التعامل؟ وكم نسبة الفشل؟ وهل ما يدّعيه سكان أحياء جدة عن غياب مسؤولي ومعدات الأمانة حتى الآن عن كثير من الأحياء قول صحيح؟! * قلت له: في الأمانة رجال مخلصون، سمعت أنهم بادروا منذ اللحظات الأولى إلى تقديم استقالاتهم لإبراء الذمة والشعور بالذنب، لكن سكان «أبوجعالة» تجمّعوا بالمئات أمام مبنى الأمانة يوم السبت الماضي، ورموا عقلهم، واعتصموا بالمبنى، وطالبوا المسؤولين فيها بالعدول عن الاستقالة، وأعتقد أنهم وافقوا على مضض! * قال لي: من المستحيل أن نصدّق هذه الرواية.. لقد شاهدنا صوراً في جريدة «المدينة» لمواطنين ينظّفون أحياءهم وصوراً لشوارع وأحياء لازالت مليئة بالمستنقعات والطين والتربة والمخلفات! * قلت له: سكان جدة مثاليون، وحبّوا أن يشاركوا في المسؤولية الوطنية، وبادروا بعد ثلاثة أسابيع من التجاهل بكنس شوارعهم، «وسفّوا» من التراب، وتخضّبوا بالطين، معبّرين عن مساندتهم والتفافهم حول قيادات الأمانة المخلصين الذين يسهرون على خدمتهم ليل نهار، وهذا أقل قربان يقدمونه لرجال الأمانة الأوفياء. * قال لي: هل تؤيد الرفع باقتراحات إلى لجنة تقصّي الحقائق يطالب فيها سكان جدة بمحاكمة مسؤولي الأمانة وعزلهم من مناصبهم؟!. * قلت له: وهل جدة ناقصة بلاوي؟!. لو تم هذا.. مَن لنادي الاتحاد؟!.. ومَن سيدير شؤونه، ويضمن تسيير الأمور الاتحادية بشكل سليم؟ هل تتناسى يا صديقي أن مسؤولين كباراً في الأمانة سخّروا وقتهم وجهدهم ليل نهار -حتى أثناء الدوام الرسمي- لخدمة هذا الكيان الرياضي الكبير، وإلَّا لما كانت هذه الإنجازات للاتحاد؟!. وهل تنكر أن انشغال هؤلاء المسؤولين في الأيام الأولى بالاجابة على أسئلة لجنة التحقيقات أدَّى إلى تدهور أداء الفريق في الرياض. * قال لي: إذاً أنت تميل إلى الاكتفاء بمعاقبة المتسببين بالسجن فقط، دون فصل، أو إعفاء؟!. * قلت له: ماذا يستفيد سكان جدة لو أُدخل الموظفون إلى الحائر أو بريمان أو الملز أو ذهبان؟ ومَن سينفذ إستراتيجية جدة؟ ومَن سيُبخِّر بحيرة الصرف ويتصدى لفيضاناتها المتوقعة؟ ومَن «سيغرف» المياه من نفق الملك عبدالله؟! ومَن سيلاحق أسراب البعوض والذباب؟ ومَن سيجمع حاويات النفايات التي مزق السيل أشلاءها؟! ومَن سيشفط خزانات الصرف الطافحة؟! ومَن يرقّع حفر الشوارع؟! ومَن يصيد الغربان وجرذان الكورنيش وصراصير المطاعم؟!. * قال صديقي: أنت تدافع عن الأمانة، وكأن شيئاً لم يكن؟.. أين مشاريع تصريف السيول؟ ولماذا لم تُحل مشكلة البحيرة حتى الآن؟!. * قلت له: مشكلة المواطن السعودي أنه ينظر إلى نصف الكأس الفارغ دائمًا، وينسى أنه المسؤول عن كل شيء، ولا يريد أن يحمّل نفسه تبعيات أي كارثة، يا أخي يكفي الأمانة أنها بدأت في إنشاء 8 بحيرات جديدة ستحوّل جدة إلى أكبر مسبح أولمبي عالمي، وسيتعلّم سكان المحافظة فيه الغطس قسراً، وعندها سنحقق نتائج رياضية، وميداليات، وشهادات وفاة لا أعتقد أن موسوعة جينيس ولا المقابر المتاحة ستستوعبها، إلَّا أن يقدر الله خلاف ذلك. * قال لي: وماذا تقترح إذاً؟!. * قلت له: أقترح أن يرفع أئمة الحرمين والمساجد مع المصلين أكفهم إلى الله داعين بأن يرحم سكان جدة بسيول عاجلة من القرارات الإدارية الجارفة لأودية الفساد في كل ناحية وموقع!!