يعجز اللسان عن الحديث عمّا شاهده من مناظر محزنة جرّاء السيول والأمطار التي غمرت واجتاحت في طريقها أحياءً من جنوبجدة وشرقها، وخلّفتْ وراءها الدمار المتناثر والمتراكم إلى أنْ اصبح حدثًا تاريخيًّا على مدى الزمن البعيد والذي كان في يوم الأربعاء، الثامن من شهر ذي الحجة، والذي يسميه البعض نكبة جدة. رحم الله المتوفين وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة، مع شهداء المسلمين -إنْ شاء الله- ينعمون من خيراتها. هذه قدرة الخالق العظيم فوق كلّ شيء بأن قلب الأمور رأسًا على عقب، ومن حال إلى حال في أسرع وقتٍ لم يتخيّله الإنسان في عقله، ولا لحظة من لحظاته، حيثُ إنّ المطر من علم الغيبيات، وصدق الشاعر الذي قال: ما بين طرفة عينٍ وانتباهتها يغيّر الله من حال إلى حال جدة تصاب بشللٍ نصفي، يُفقِِدها جمالها، ومراكزها التجارية، وحضارتها الطبيعيّة، واسمها الجميل (عروس البحر). أليس هناك خطة مستقبلية لدى أمانة مدينة جدة على المدى البعيد لتصريف السيول المنقولة من خارج مدينة جدة، وتصريف الأمطار المتراكمة في شوارعها؟ أم يبقى الحال كما هو هدم، وردم في الشوارع؟ الأمانة يا أمانة جدة أعطوها حقّها كما ينبغي. كيف تسمح بإقامة العمران في مجاري السيول، وإنْ كان هناك تعديات عشوائية على مجاري السيول والبناء فيها من قِبل أُناسٍ شكّلوا خطرًا فادحًا على المدينة وساكنيها، فأين الأمانة عن هؤلاء منذُ زمنٍ بعيد إلى وقتنا الحاضر؟ الله سبحانه وتعالى أكرم أهل هذه البلاد بحكومة رشيدة تعين المحتاج، وتساعده، وتؤويه، وتحمي الملهوف. لم يقصروا في إسعاد المواطن والمقيم. ووفرتْ له كل سبل الراحة، ورغد العيش والأمان بعد الله عز وجل. بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز والنائب الثاني، والأسرة المالكة جميعًا حفظهم الله ورعاهم، هذه الكارثة تُعد من الكوارث الطبيعية والإنسان له دور كبير في حدوث الكارثة التي راح ضحيتها العشرات من الناس. جدةالمدينة السياحية حالها غير هذه الأيام لا تأتي مع شارع من شوارعها إلاّ وبه بحيرة من الماء، تعجز السيارات الصغيرة عن العبور في الماء. نتمنّى من الله عز وجل أنْ تنظر أمانة مدينة جدة بعين الاعتبار والاهتمام، وإصلاح الكارثة إلى المستقبل القريب حتى تستعيد جدة نفسها من جديد وتعود إليها الحياة. صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفبصل بعد عودته من الحج وقف عن قرب على كارثة جدة، وطمأن المتضررين خاصة وأهل جدة عامة بأن يكون هناك حل جذري -بإذن الله- لتصريف الأمطار ومجاري السيول والتعديات على مجاري السيول، ما بعد الكرب إلاّ الفرج بإذن الله. اللهم سلّم سلّم من بحيرة المسك التي بدأت مخاوفها تداهم السامر، فيجب أخذ الحذر.. فالوقاية خير من العلاج/ ونحن جميعًا في كنف الله ورعايته. سعد مشرف الحارثي - جدة