تفاءلت كل التفاؤل وأنا أتابع تصريحا لمعالي وزير الصحة د. عبدالله الربيعة في أعقاب توليه المنصب الوزارى يؤكد فيه أن قفزة تطويرية ستشهدها المستشفيات الحكومية فى المملكة الأمر الذى ينقلها من مرتبة «الوصيف» إلى صاحبة الريادة العلاجية ويجعل المرضى –عافاهم الله– يتسابقون إليها ويعزفون عن «الخاصة» وقلت حينها لمن حولي أن الوزير الناجح قادر على إعادة ترتيب القطاع الصحى بلا تفريق بين مدينة وأخرى وبلا تمييز بين مستشفى كبير ومركز صحي تحتضنه قرية متوارية.. ومرت السنوات وياللأسف غابت شمس التفاؤل وشعرت بصدق مقولة «انه ليس بالإمكان أفضل مما كان». قد تتساءلون لماذا غابت شمس التفاؤل واسمحوا لي أن اجيب بصراحة وبلا تعابير دبلوماسية يستخدمها البعض أحيانا هربا من الحقيقة. فمدينة الجوف على اتساع رقعتها من الحدود الى النفود لازالت حتى اليوم تعانى ليس من غلاء «الخاصة» واهمال «الحكومية» بل تعانى الغياب الكامل للكوادر العلاجية والتخصصات الطبية الهامة التى يحتاجها المرضى. حتى أن الكثيرين يضطرون –جبرا– إلى السفر إلى دولة الأردن بل أن لأغلب أبناء منطقتي الغالية ملفات علاجية فى دولة الجوار. شيء غريب يتخطى حاجز المنطق والعقل بل ربما يثير فينا روح الدهشة والاستغراب أن نقرأ عن مرضى من كل بلاد العالم يخطبون ود مستشفياتنا ويأتون الينا ثقة فى أنامل أطبائنا ومشارطهم الرحيمة ونذهب نحن فى الوقت للعلاج فى دولة «جارة» لا تحمل رقما مميزا على قوائم الدول المتقدمة طبيا. قد يتهمنى البعض بالمبالغة واخفاء جانب من الحقيقة لذا دعونى اضرب مثالا واحد أؤكد فيه صدق ما أقول. فمع التعداد السكانى الهائل لمنطقة الجوف والذى كسر حاجز ال 500 الف نسمة تخلو مستشفياتنا من طبيب واحد فى تخصص المخ والأعصاب. نعم لا يوجد طبيب واحد فى هذا التخصص «غير النادر» الذي يحتاجه كثير من المرضى وما أكثرها التخصصات التى تحتاج منا النبش والركض بحثا عن طبيب يفهمها وكأننا نبحث عن جوهرة أو قلادة مفقودة. إنني مازلت أتعجب بل و»اتحسر» على الوضع الصحي المتردي الذى نعيشه فى منطقة الجوف واسأل الوزيرالناجح صاحب الاسم والتاريخ المحفوظ فى كل البلدان. الى متى نسافر الى دول الجوار من أجل حبة علاج ؟ ولماذا ننفق المليارات سخية فى مارثون التنافس بين «الحكومي والخاص» وفى بلادنا مرضى لا يجدون الطبيب؟ والى متى نحمل آباءنا وامهاتنا ونقطع المسافات الطويلة من أجل مشرط لا يربطنا به صلة ولا قرابة؟. عذرا د. الربيعة إن كانت كلماتى قاسية فلقد تفاءلنا لقدومك وكنا نحسب أن النهضة العلاجية ستمس الانسان لا المبانى والجدران.