يبدو من الواضح الآن أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي قدمت دعمًا متواصلاً غير محدود ولا مشروط لإسرائيل على كافة المستويات لتجعل منها طفلتها المدللة حتى وهي تمارس العدوان وتنتهك حقوق شعب بأكمله وتتنكر لقرارات الشرعية الدولية في تعاملاتها مع هذا الشعب وغض الطرف عن تلك الممارسات والانتهاكات ، يبدو من الواضح الآن أن هذه العلاقة لم تجلب الضرر فقط بالمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وإنما أيضًا بإسرائيل ذاتها وهو ما أكده العديد من الخبراء والباحثين والمفكرين الاستراتيجيين الأمريكيين والإسرائيليين مثل ناعوم تشومسكي وجون ميرشايمر وستيفن وولت وشلومو ساند وألوف بن ويوري أفنيري وغيرهم الذين انتهوا إلى النتيجة ذاتها بأنه يتعين على واشنطن أن تكبح جماح إسرائيل إذا كانت حريصة بالفعل على أمنها، وهو ما عبر عنه شلومو ساند أحد هؤلاء الخبراء بقوله في محاضرة ألقاها في نيويورك قائلا : «أتطلع إلى اليوم الذي يمكن فيه وضع حد للوبي إسرائيل في الولاياتالمتحدة وإنهاء أسطورة الإقصاء اليهودية ، وأن مصير إسرائيل ومصير الشرق الأوسط يتوقف عليكم أنتم أيها الأمريكيون .. وقد حان الوقت كي تنقذونا من أنفسنا». هذه الحقيقة أدركتها المملكة منذ وقت مبكر عندما راحت تحذر دومًا من مغبة الانحياز الأمريكي السافر لإسرائيل وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة وانعكاسات ذلك كله سلبًا على الأوضاع في الشرق الأوسط الذي بات يشكل أكثر بؤر العالم تفجرًا وتوترًا نتيجة سياسة ازدواجية المعايير التي ظلت تطبقها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تعاملها مع إسرائيل والفلسطينيين. تصريحات سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون أمس الأول تؤكد على صواب الرؤية السعودية وتشخيصها الدقيق لجوهر القضية الفلسطينية ، لا سيما في ظل التوافق العالمي الحاصل الآن بأن سلام المنطقة وأمنها أصبح مرهونًا بالحل العادل والشامل والدائم لتلك القضية وأن الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل يمنحها خيار عدم تحقيق السلام وجعلها تحيا في منطقة من دون قبول شعوب المنطقة بها.