قرأت مقال الدكتور علي حمزة العمري في « المدينة « 24/12/1430ه بعنوان (إلى من باع جدة ... نحن أولادها! ) فأعجبني ما خطه قلمه ، وما فاحت به كلماته من شذا عَطّر به أنفاس المكلومين من أهل جدة ، فأضيف إلى ما تفضل به ، أن جدة لا تزال محضن الإبداع ورونق الجمال، وسحر النفوس ، فلماذا ينظر البعض إلى أشواك الورود ويترك الزهرة الفوّاحة ؟! فما حلّ بجدة كارثة ذهبت بالأرواح والممتلكات فما واجبنا إلا العزاء والمواساة ، والحمد لله على قضائه وقدره ، وأما السّراق الذين تسببوا في تلك النكبات فأرجو عمّا قريب أن ينالهم الجزاء الرادع ، فكما كانت جدة منارة للإبداع والجديد فستنطلق منها – بإذن الله – مشاعل الحرب على الفساد الإداري، لقد كشفت الكارثة عن المعدن النفيس لأهل جدة، فهبوا هبة رجل واحد يواسون المفجوع ويساعدون الأرامل ويبحثون عن المفقود وينظفون الشوارع ويعطرون المساجد، ويواصلون الليل بالنهار لرفع المعاناة وتضميد الجراح، ومع إعجابي وسروري بأبناء جدة في موقفهم النبيل من إخوانهم المصابين، فإنني لا أستطيع أن أخفي عتبي الشديد عن بعض أصحاب الأقلام من أهل جدة، والذين عرفوا بحروبهم الأدبية الشعواء ومقالاتهم النارية وكلماتهم الملتهبة في مواقع كثيرة، فأقول: أين هم عن كشف ذلك الفساد الذي امتد عقودا ينخر في جسد العروس ؟! وأين حب الوطن في عروقهم ودمائهم ؟! فهل كانت أقلامهم عمياء عن تلك التجاوزات التي يتجرع أهل جدة مرارتها ؟! أم أن الأدلجة طارت بهم في سماء غير سماء « عروس البحر الأحمر « ! لقد عرفت أهل جدة بطيب المعشر ورقة الطبع ، وحلو الكلام ، إنهم يحبون مؤانسة الجليس في أدب، وتستطيع أن تميزهم من الجمع الكثير بلطافتهم وابتسامتهم ، إنهم يألفون ويؤلفون ، وكفى بها منقبة.