ها هو العام الهجري وأخوه الميلادي يَهمَّان بالانصراف، وحريُّ بالعقلاء أن يتوقّفوا عند نهاية كُلّ عام، إن لم يكن عند نهاية كُلّ مساء.. ليُناقشوا أمورهم ووقائعهم وواقعهم! قبل سنوات كَتَب الأستاذ «محمد هيكل» كِتابه المشهور «عام مِن الأزمات»، ولكن ماذا لو وسّعنا الدَّائرة لتشمل «عشر سنوات مِن الأزمات»! ففي بداية القرن، وقبل ثماني سنوات، داهمتنا أحداث الحادي عشر مِن سبتمبر، فتغيّر وجه الكُرَة الأرضيّة، مِن عَالَم «متنوّع التَّضاريس»؛ ليُصبح عَالَماً «مُسطّحاً»، كما هو تعبير السيّد الكَاتِب «توماس فريدمان»! بعد ذلك دخلنا في نفق الإرهاب، مرَّة بالاتهام، ومرَّة ثانية بالمعاناة منه، وثالثة أخرى عندما نبدأ نفقد أهلنا وذوينا؛ مِن جرَّاء «حماقات وطيش» مرتكبيه، والدَّاعين إليه! تركنا الإرهاب، أو بالأصح نجحنا إلى حدٍ كبير جداً في تقليصه، وخنقه وقطع وسائله وسبيله.. وتنفّسنا «هواء الحُبّ» الذي لم يَدُم طويلاً.. حيث دخلنا في مآسي «سوق الأسهم».. دخلنا في عصر «الفساد الرَّقمي»؛ الذي يقرأه «الكبير بعد الصغير»، وبدأت حياة النَّاس تنقلب وفق مؤشّرات «الأحمر والأخضر»! حقاً.. إنَّ كارثة الأسهم أوجعت البلاد والعباد، فما مِن مواطن أو مقيم إلَّا وناله شيء؛ مِن «عجاج» خسائر الأسهم أو غبارها، ناهيك عن الذين ضاع مستقبلهم بسببه، لقد شكَّل اللونان «الأحمر والأخضر» مصدر «حياة وموت» لدينا في السّوق، مثلما أنَّ «الإشارة الحمراء» في طُرُقِنَا شكَّلت مصدر «موت»؛ لكثير مِن أبناء هذا الوطن «المعطاء»! لقد أنست مصيبة «خسائر الأسهم» كُلّ المصائب السَّابقة، لأنَّها متاعب ذات أمد طويل، وحلّها صعب بنفس القدر الذي يكون فيه سهلاً، لأنَّك ترى «هوامير الصَّحراء» ولكنَّك لا ترى شيئاً! خرجنا من دائرة الأسهم -رغم أن آثارها مبثوثة على وجوهنا وتصرفاتنا، وكُلّ مناشط حياتنا-، حتى قِيل: «ما اجتمع سعوديّان إلَّا كانت الشّكوك مِن خسائر الأسهم ثالثهما».. خرجنا مِن دائرة الأسهم، لنجد أنفسنا أمام قائمة طويلة مِن الأمراض، فمن السيّد/ الوادي المتصدّع حتَّى السيّد/ الضَّنك، ومِن السيّد/ «أنفلونزا المكسيك» إلى القادم المنتظر السيّد/ الملاريا، وهكذا يا قلب لا تحزن! وما إن خرجنا مِن «الأمراض»، حتَّى دخلنا في كارثة «السّيول»؛ وما يُصاحبها مِن أعراض.. هكذا نحن مِن يد نشيطة إلى يد أنشط منها.. ولكن هل نرضى بهذه اللوحة؟! الجواب: كلّا وألف كلّا.. فالبلاد مليئة بالمخلصين المتفائلين مِن العباد.. أولئك الذين تكون الكوارث لهم بوابة للنَّجاح والأزمات، ومخرج يؤدِّي إلى التّوفيق والفلاح.. نعم سنخرج إلى الدّنيا حاملين الأمل في يد، والعمل في يد، لنقول للتَّعب اذْهَبْ، وللفَرَح اقْرَبْ، وللأمل أَقْبِل، وللحلم لا تَرْحَل!.