أكدت الفنانة التشكيلية مها الحجيلي أن أكثر ما يزعجها في الوسط التشكيلي أن بعض المشاركات الداخلية التي تقام خارج منطقتها، يتم فيها ضياع لوحاتها؛ مشيرة إلى أنها (خرجت ولم تعد) أثناء ترحيل اللوحة للأبد، لتبدأ من ثمّ مرحلة البحث عنها التي ليست لها نهاية وبلا جدوى، مما أفقدها أغلب أعمالها المميزة والتي لها مكانة في نفسها، بجانب انزعاجها من مشاركات بعض الفنانين بأعمال تسيء لمصداقية الفن التشكيلي على قلتها. وحول غيابها عن المشاركات لعدة سنوات تضيف الحجيلي قائلة: لغيابي أسباب عدة؛ من أهمها طبيعة عملي وتنقلي في أكثر من قرية مما كان له كبير الأثر في عدم الاستقرار الذي أعيشه، وهذا عامل مهم لتشكيلي وهو غياب فقط عن المشاركة بالأعمال، لكني متواجدة ومتابعة، فأنا أحضر المعارض التي تقام، ومتابعة جيدة للحركة التشكيلية بصفة عامة والسعودية خاصة، فإنني لم أتخلَ يومًا عن العزف بالفرشاة أو القلم فهما زادي. استغلال الفنانات وتؤكد مها أن صالات العرض استغلت الفنانات بالفعل في سياق قولها: من خلال معرفتي ببعض الفنانات الواعدات أقول نعم قد استغلت صالات العرض الفنانات وأكتفي بذلك..لكني.. (وهنا ضع عشرات الخطوط تحتها) لا أعمم على كل الصالات، فأصابع يدك ليست واحدة. كذلك تنفي الحجيلي أي تفوق للفنان على الفنانة؛ حيث تقول: لا أرى أن الفنان متفوق على الفنانة؛ فلكليهما أسلوبه وثقافته البصرية وتكنيكه الخاص، قد يكون التفوق في كثرة المشاركات؛ وهذا لكونه فنانا ومتواجدا دائما والعبرة بالكيفية وليست بالكم بخلاف المرأة التي قد تحكمها ظروف شتى، ومع ذلك نرى كثيرًا من الفنانات السعوديات قد برعن وأثبتن وجودهن على الساحة وتميزن بما يقدمن. خطوط البداية وتعود مها بالذاكرة إلى بداياتها مع الفن التشكيلي قائلة: بدأت الرسم منذ الصغر؛ فقد وهبني الخلق عز وجل موهبة الرسم فأدركت ذلك مبكرًا في خطوطي القوية والمرنة معًا، وتمكني من محاكاة الشيء، فقد كنت أهوى محاكاة الشخصيات الكرتونية، وكانت هذه اللبنة الأولى في رحلتي التشكيلية، كما كنت أقلد رسوم شقيقي الأكبر المهندس عبدالرحمن وأعرضها عليه، وله الفضل بعد الله عز وجل في تشجيعي ودعمي، فقد كان بحكم عمله كثير الأسفار، وكانت هديتي عند قدومه من السفر لوحة فنية بشرط ان أعيد رسمها، وكنت حينها في نهاية المرحلة الابتدائية، وأيضًا من خلال الرسم بالحصص الدراسية لمادة التربية الفنية أثبت قدراتي وتفوقي في المرحلة المتوسطة وتشجيع معلماتي لي واقتناء أعمالي وعرضها بحجرة الفنية وتزيين دهاليز المدرسة بها. وتمضي الحجيلي في حديثها عن مسيرتها مضيفة: وخلال مشواري الفني تطرقت لجميع المدارس والاتجاهات الفنية بحكم دراستي الأكاديمية، ولكن بإضفاء أسلوبي وبصمتي الخاصة على كل مدرسة واتجاه، مع الإشارة إلى أن بداياتي التشكيلية كانت بالمدرسة التكعيبية فلها عشق خاص، بعد ذلك بدأ أسلوبي يتخذ مسارًا آخر مع التجريدية، وعمومًا أرى أن تفاعل الفنان وانسجامه مع اللوحة والألوان هما اللذان يحددان الاتجاه والطريقة يتبعها في لوحته.. وقد استفدت خلال مسيرتي من أعمال الفنانين والفنانات، فالاطلاع على أعمال ونتاج التشكيليين يعد ثقافة بصرية تعود بالفائدة على الفنان أو الفنانة، فالفنان الحريص على فنه وتطويره يستفيد من كل ما تقع عليه عيناه، ويخدم رؤيته الفنية بشرط ألا يتعارض مع قيم ومبادئ الدين الحنيف والعادات والتقاليد. وتنتقل مها إلى أبرز مشاركاتها وما حققته وطموحاتها المستقبلية قائلة: مشاركاتي كثيرة، لكن أبرزها اختيار عملي من ضمن 37 عملاً لثلاثين فنانة تشكيلية لاقتناء أعمالهن الفنية بمكتبة الملك عبدالعزيز بالقسم النسائي بالمربع عام 2001م بالرياض لعرضها بالمتحف التشكيلي الدائم، كإهداء من الفنانات لهذا الوطن الغالي، وقد قامت حرم صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز بتكريمنا تقديرًا لهذا العمل الوطني الجليل.. والحمد لله حققت من خلال الفن التشكيلي أسلوبًا متفردًا بي، ذا طابع خاص يميزني عن غيري من التشكيليين يجعل من يقف أمام لوحتي يشير بالبنان إليّ؛ ولم أصل إلى ذلك بين عشية وضحاها؛ بل هو نتاج مراحل مررت بها في مسيرتي، فأنا لا أسعى لشهرة أو مادة؛ بل لتقديم فن راقٍ يضيف شيئًا للحركة التشكيلية السعودية، لذلك تجدني متأنية في خطواتي، وراضية كل الرضا عما قدمت رغم قلته، فالحكمة في الكيفية وليس الكم.. لكن طموحي لا يقف عند حد معين؛ فهذه طبيعة الإنسان الذي يبحث عن ذاته فهو دائم السعي والبحث عما بداخله ليحقق كيانه، فما بالك في مجال الفنون التشكيلية، فالفنان دائم البحث والتجريب عما يقدم ويخدم فنه ورؤيته لكي يقدمه.. وغايتي أن يكون لي اتجاهي الخاص الذي بدأت أخطو نحوه، والذي أقدم من خلاله شيئًا للحركة التشكيلية بصفة عامة ولوطني بصفة خاصة. وتشير مها إلى أن انضمامها لمجموعة فناني المدينةالمنورة قد أضاف إليها الكثير بقولها: في فترة إقامتي بالمدينةالمنورة انضممت إلى عضوية المجموعة وشاركت في العديد من المعارض معهم التي زادت من اهتمامي وتطوير فني، وأضافت لي الكثير، وجميل أن ينضم الفنان إلى مجموعة يكون ملزمًا اتجاهها. تميز الفنانات وترى الحجيلي في وجود خمس عضوات من الفنانات في مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية دلالة على ما وصلت إليه الفنانة التشكيلية السعودية من تطور ورقي يواكب النهضة المستمرة للمملكة في شتي مجالات الحياة، مشيدة كذلك بإبداعات بعض الفنانات وتميزهن، مخصصة الفنانة التشكيلية غادة بنت مساعد قائلة: تستوقفني لوحاتها كثيرًا وأشعر أن اللوحة تسرد لك حكاية مليئة بلحظات شقاء، وبؤس، ومآساة وحزن، فتأخذك اللوحة معها في رحلة ما، بجانب سريالية الفنانة التشكيلية رضية برقاوي كذلك أعمال الفنانتين منى القصبي وهدى العمر. لا وقت لمعرض شخصي وتختم مها حديثها بإشارة إلى عدم استعدادها لتقديم معرضها الشخصي قائلة: المعرض الشخصي يحتاج تفرغًا تامًا ووقتًا كافيًا؛ وهذا ما لا يتحقق لي على المستوى الآني؛ فعملي والمسؤوليات على عاتقي وارتباطاتي الأسرية قد لا تتيح لي هذا التفرغ التام الذي يثمر عنه نتاج معرض شخصي، رغم أن أكثر من جهة طلبت مني ذلك ومنذ زمن؛ لكني أرى في المعارض الرباعية أو الثلاثية والتي يشترك فيها مجموعة وتكون بفترات مختلفة ومتباعدة تحت مسمى واحد فكرة رائعة وتجني ثمارها فهي تتيح للمتلقي التعرف على مدى تطور هذه المجموعة وفكرها ورؤيتها في بوتقة خاصة بهم، ولهذا فإني أعد المتلقي بمعرض ثلاثي أو رباعي نشترك فيه مجموعة خاصة برسالة مشتركة.