كثير من الكُتّاب يدلي بشهادة من دون أن تطلب منه.. مع الإدراك أن ذلك مدرك من قبل الكاتب على أقل تقدير. قد يقول أحد وما أدراك بذلك الشيء إن كان ذلك القول منه عن جهل فيه فهذا شأنه وعليه أن يدرك هو ذاته ذلك الجهل وليس عليّ إصلاحه.. وإن كان عن علم؛ فهو ما قصدت إن أوقعه فيه الرأي شهادة على حامله وقائله يحمل أزره وله أجره.. طلب من كاتب هذه الأحرف أن يدلي برأي مكتوبًا من قبل أحد الممارسين للعمل الفني تجريبًّا ومحاولة يتلمس هدى الطريق الفني الطويل.. فقلت لم يحن الوقت بعد للإدلاء بالشهادة، فعليك منحي الفرصة لكي اقرأ أعمالك من جديد فلعلي بذلك أكون أكثر صدقًا مع نفسي أولاً ثم معك. تبرم وارتسمت على محياه ملامح عدم الرضا بما سمع، وكنت أقصد الحقيقة عينها من أن يعيد القراءة في منجزة الذي من حقه الاحتفاء به بل ويفرح، والحرية ذاتها التي تجعله لا يفقد التوازن وهو في حالته الفرحة، فيدخل في نطاق أو سمه مجال الآخر الذي قد لا يعرف ما ينبئ به من أفعال أو ردود. غير متوقعة تخرجه عن أصل الشيء إلى فرعه أو غيره بمجرد أن طلبت منحي الفرصة لا للهروب الذي لا أحبذه البتة سلوكًا ولا فكرًا ولا تهربًا من القول الذي أرى إنه من أبسط الأشياء التي تجدها سانحة في كثير من المناسبات الفنية وغير الفنية لمن وجدوها على قارعة الطريق فامتطوها جوادًا يجوبون سير وسلوك الأفراد لا انجازاتهم التي هي الأولى بالتناول لأن ذلك يصب في زيادة الذائقة لهم ولمن هم بحاجة إليها. لذا قلت إن الكتابة عن مثل هؤلاء الذين يتحينون الفرص لجمع أكثر عدد من الشهادات ليضعوها في صفحات تكون في متناول اليد متى ما أرادوها أو لغرض ما. ليس كون صاحب الرأي المكتوب أو المسموع مجربًا، أو صاحب رأي له مكانته العلمية أو النقدية فحسب؛ بل وجدت أن كثيرًا من الآراء التي تغلفها المجاملة في سجلات المعارض استفاد منها أولئك الذين كما أسلفت يحتاجون بعض الوقت للممارسة الجادة حتى تكتمل أدواتهم وأفكارهم ومن ثم يجدون المكان الملائم فيما بين الفنانين. وهذا القول يعني مجموعة ممن لم تكتمل تجاربهم الفنية. ولحظوظهم أو لأمر ما تواجدوا، بل السباق محموم لتسجيل الحضور في البيان الوقتي. وهو بطبيعة الحال مرهون بالزمن الذي تكفل بإثبات من هم أحق بالبقاء في ذاكرة التاريخ التي لا ترحم واقلها النسيان! اشتغل بالعمل فهو دليلك إلى البقاء أطول وقت في ذاكرة التاريخ.