رغم مرور ثلاثة أسابيع على فاجعة الأربعاء ما تزال قصصها المأساوية تتردد هنا وهناك، ومنها قصة أسرة مكونة من 25 شخصاً أمضت يومين محتجزة وسط المياه بين دعاء أب مؤمن بقضاء الله وقدره وأم مريضة وبكاء أطفال صغار. مصباح الأهدل موظفة أمن في مستشفى الملك عبدالعزيز روت ل “المدينة” تفاصيل هذين اليومين اللذين وصفتهما بأنهما من أصعب أيام حياتها، وقد عاشتهما هي وعائلتها المكونة من خمسة وعشرين فردا محتجزين في منزلهما بحي العدل الشعبي الذي داهمته السيول. تقول مصباح: في صباح الأربعاء هطلت الأمطار وأقتحمت السيول منزلنا المكون من 10 غرف وحوش كبير، كنت نائمة حينها ولم أفق إلا على حركة السرير في الماء لم آبه للأمر في البداية حيث أحسست وكأنني أحلم، حتى أحسست بماس كهربائي جعلني أقفز من سريري مفزوعة، حينها سمعت صرخات والدي “أيقظوا مصباح” وصعدنا جميعا إلى سطح المنزل خوفا من الغرق بعد أن وصلت المياه إلى رقابنا. وأضافت: في تلك اللحظات وصل الماء إلى قمة سيارة أحد إخوتي وكان الدخان يخرج منها، ومع صراخ والدي جاء أحد الجيران وسحب البطارية منها. وتابعت: في تلك اللحظات كنا نتصل على الدفاع المدني ولا أحد يجيب علينا، كنا نريد أن ننفذ بجلودنا ولكن لافائدة ولم نذق طعم النوم طوال هذين اليومين، وكدنا أن نفقد إثنين من أبناء أخي الصغار وهما معوقان لايقويان على الحركة وكنا نشعر بمدى الألم الذي يشعران به وكانا طوال الوقت في بكاء مستمر.. واستطردت: لم يستطع أحد إنقاذنا لكثرة المياه وإرتفاع منسوبها داخل وخارج المنزل حتى الجيران عجزوا عن إنقاذنا، حتى بدأت نفسياتنا تتعب والارهاق يسيطر علينا، ودموع والدتي المريضة بالسكر وضغط الدم وعدة جلطات لاتتوقف وهي ترفع يديها إلى السماء تدعو الله بأن ينقذنا، والدي هو الآخر بدا لأول مرة فاقدا للأمل، ولكن كان إيمانه بالله كبيرا وظل يدعو الله بأن ينقذ أبناءه، وبعد يومين حضر الدفاع المدني لإنقاذنا. ولم أفق إلا وأنا في المستشفى، وأحمد الله أننا لم نصب بخسائر في الأنفس، رغم أن منزلنا ذهب وصعب إرجاعه وسوف يكلف الكثير إذا أعدنا ترميمه، ووالدي ليس بيده شئ، فبالكاد جمع بعض الأموال لشراء هذا المنزل الذي قضى عليه السيل ولم يبق منه سوى جدران متهالكة، ولم نحصل من تلك الحادثة إلا على 2500ريال والشقة المفروشة التي تضمنا.