تزامنت فاجعة جدة الأربعاء 8/12/1430 ه ، مع حادثة عالمية أخرى ذات علاقة وثيقة الصلة بها بل هي في الحقيقة كارثة من نوع أخطر عرفت باسم فضيحة «بوابة المناخ» أو اختصاراً فضيحة المناخ اشتقاقاً من فضيحة «ووتر قيت» السياسية الأمريكية الشهيرة التي وقعت في السبعينيات من القرن الماضي ، و تدور أحداث «كلايميت قيت» حول التزوير العلمي المتعمد من قبل بعض الأساتذة الجامعيين في إحدى أعرق الجامعات العالمية صلة بدراسات المناخ و بالتحديد دراسات نظرية الاحتباس الحراري الخلافية ، و وضع مؤتمر قمة كوبنهاجن عن المناخ التي بدأت أعمالها يوم الاثنين السابع من ديسمبر 2009 م و حضرها ما يزيد عن 16,000 عالم و متخصص مناخي و سياسي ورجل أعمال ... الخ ، و بقية العالم أمام أزمة تزوير علمي متعمد للحقائق لا مناص من مواجهة تداعياتها. تدور أحداث «كلايميت قيت» في الفضاء الافتراضي لشبكة الإنترنت حيث تمكّن عدد من قراصنة الشبكة المعروفين إصطلاحاً ب «الهاكرز» من اقتحام الحاسبات المركزية لجامعة بريطانية هي «أيست أنجليا» الواقعة جغرافياً في شرق بريطانيا والاستيلاء على ما يزيد عن ألف رسالة بريد الكتروني لعدد من أهم و أكبر أساتذة المناخ بالجامعة بل في العالم و تسريب تلك الرسائل التي وجدت طريقها عبر الشبكة لبقية العالم رغم محاولات الإعلام العالمي الأولية لتجاهل الحادثة. تستمد هذه الحادثة أهميتها من أمرين أولهما أن جامعة «أيست أنجليا» تشتهر عالمياً بثروتها العلمية المناخية النادرة المتمثلة في قاعدة بيانات تاريخية عن سجلات متغيرات المناخ على مستوى كل مناطق العالم تعود لبدء رصد و تسجيل المتغيرات المناخية بشكل دقيق وعلمي في عام 1860 م ، و هي لذلك مرجعية علمية عالمية للمجتمع الأكاديمي العالمي بشأن دراسات المناخ و المتغيرات المناخية ، كما أنها ذات قاعدة البيانات المناخية المعتمدة من قبل مجلس الحكومات للمتغيرات المناخية ( IPCC) الراعي لمؤتمر كوبنهايجن العالمي المشار إليه أعلاه ، كما أنها الجامعة المتعاونة مع الجهات الرسمية الأمريكية والعالمية المتبنية لنظرية الاحتباس الحراري. والثاني هو اعتراف «العلماء» بصحة نسبة الرسائل الإلكترونية إليهم وبصحة ما جاء فيها من تلاعب بالبيانات المناخية للوصول إلى استنتاجات مسبقة من أجل أجندة سياسية و هو أمر كما لا يخفى على أقل طالب علم أنه بمثابة ضربة قاصمة للسمعة و الأمانة العلمية للأكاديميين المعنيين و الجامعة التي ينتمون إليها و الجهات العالمية المعتمدة على «أبحاثهم» بل يطال شرر ال «كلايميت قيت» المجتمع الأكاديمي العالمي و لمبدأ النشر العلمي المنقود من قبل الأنداد و القرناء من العلماء ، و على أقل تقدير فهو يقدح في مصداقية أولئك «العلماء» المتورطين و الجهات العالمية الممولة لهم ، و مما لا ريب فيه فإن فضيحة «كلايميت قيت» العلمية تبث الشكوك في النفوس حول ليس فقط مصداقية نظرية الإحتباس الحراري بل و الأهداف و الأجندة العالمية الخفية. يصاحب هذا التزوير العلمي المتعمد ، تغطية إعلامية غير متوازنة لنظرية الإحتباس الحراري ومحاولة فرضها عنوة على العقول والأذهان من خلال غسيل الدماغ المتمثل في التكرار الإعلامي الفائق والتعتيم المتعمد على آراء عشرات الآلوف من مناهضيها من العلماء بل واضطهادهم بل وحتى اتهامهم – كما في العصور الوسطى – بالهرطقة والجنون ووضعهم في قوائم سوداء كما ورد في الرسائل الإلكترونية المشار إليها أعلاه ، فمثلاً لا يكاد متابعو الإعلام العالمي العام يسمعون أن كل النشاطات الإنسانية على الأرض تقع ضمن الزيادة و النقصان في نسبة 2% من كمية ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي ، و أن بخار الماء المنبعث من المحيطات و البراكين ... الخ يشكل نسبة 70% من غازات الإحتباس الحراري في الغلاف الجوي ، و أن معظم علماء المناخ و البيئة يوافقون على أن الإرتفاع الحراري أفضل من البرودة في الغلاف الجوي و البعض منهم يذهب إلى أن وجود زيادة نسبية لغاز ثاني أكسيد الكربون في الجو مفيد بدلاً من أن يكون ضاراً إذ أنه مصدر أساسي للنمو الزراعي و قوة الغابات في العالم. كما يتعمد الإعلام العالمي الإقتصار على ذكر جزء من الحقيقة بالنسبة لما يجري على كوكبنا الأرض بالنسبة للإحترار أو البرودة الكونية فعلى سبيل المثال سارعت مثلاً الجهات الإعلامية عام 2007 م بنقل الأخبار التي إنبثقت عن أبحاث جامعة ( إلينوي ) الأمريكية بأن ثلوج القطب المتجمد الجنوبي قد ذابت لحد أدنى مستوى لها منذ ثلاثين عاماً ، متجاهلة في نفس الوقت التقارير الصادرة عن نفس الجامعة و في نفس السنة بأن الزيادة في ثلوج القطب المتجمد الشمالي قد بلغت حداً قياسياً. إن المناخ على مر تاريخ الكرة الأرضية الذي يقدره الجيولوجيون ب 4,5 مليار سنة كان دائم التغيير ، و أن هذا التغيير مرتبط بدورات طبيعية لها علاقة بالكون من حولنا ، و ليس بنسبة ثاني أكسيد الكربون. بل إن العكس هو الصحيح فمع ارتفاع درجات الحرارة يتبعها ثاني أكسيد الكربون بالارتفاع. و أن الكرة الأرضية كانت منذ ألف عام -كما يستفاد من كتابات الأقدمين- أسخن مما هي عليه حالياً ، فكتابات «تشوسر» الأنجليزي الذي عاش في العصور الوسطى ما بين عامي 1342-1400 م عن زراعة الكروم و الأعناب في شمال إنجلترا في زمن سابق للثورة الصناعية و إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصناعية من الفحم الحجري أو النفط و مشتقاته ، فمن أين جاء ذلك الدفء المناخي المناسب لنمو عرائش العنب في مناطق متجمدة في عصرنا الحديث؟؟؟! إن القياسات الدقيقة لحرارة الغلاف الجوي بشموليته المأخوذة من الأقمار الصناعية و البالونات الجوية العالية بعيداً عن القياسات الموضعية تبين عدم ارتفاع يذكر في حرارة الغلاف الجوي منذ عام 1958 م ، أما درجات الحرارة المأخوذة من المحطات الأرضية لنفس الفترة فقد سجلت إرتفاعاً قدره في المتوسط 0,4 درجة مئوية و يرجع كثير من العلماء ذلك للتأثيرات المحلية و الموضعية لجوار المحطات الأرضية ، فلماذا كل هذه الضجة «العلمية» لإرتفاع درجة الأرض المقاسة عند أعلى التقديرات إلى أعشار درجة مئوية واحدة ، و إطلاق التحذيرات المخيفة بناءً على تنبؤات التمذجة الحاسوبية المبالغ فيها و غير الدقيقة و لا عالية المصداقية. وعلى الرغم من إنفاق ما يزيد عن 50 مليار دولار على «أبحاث» الإحتباس الحراري منذ عام 1990 م ، فقد أخفقت كل تلك الأبحاث في التوصل إلى إيجاد علاقة نمطية بين النشاط الإنساني عموماً و التغيرات المناخية ، بمعنى أن التغيرات المناخية على سطح الأرض أكبر من التدخل الإنساني من خلال النشاطات الصناعية و الزراعية ... الخ. من المهم أن يدرك الجميع أن مجلس الحكومات للمتغيرات المناخية (IPCC ) تابع للأمم المتحدة و لذلك فهو مجلس سياسي أقرب منه علمي ، وأنه يستخدم البيانات العلمية بطريقة مسيسة ، و ليس أدل على ذلك من وسم رئيس الوزراء البريطاني بمؤتمر كوبنهاجن للعلماء المعارضين لنظرية الاحتباس الحراري بأنهم «مخربون مناخيون» يسيؤون إستخدام البيانات لتضليل الناس ؟؟؟! إن الهدف الأكبر لمؤتمر كوبنهاجن يدور حول محاولة الدول الصناعية الكبرى منع دول العالم الثالث من محاولات تطوير قدراتها الصناعية تحت غطاء السيطرة على إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون بينما تبقى هي في إطار الانبعاثات الكربونية الحالية أو تكاد ، وتقدم للدول النامية الرشا في سبيل ذلك تحت مسمى المساعدات .