كثيرا ما تتحطم الأحلام والتطلعات عند صخرة التراخي وعدم المتابعة الذكية ، وتنتهي الأفكار والمبادرات الخلاقة في متاهة النسيان وفى إدراج أصحابها ، كما تتناثر وريقاتها المنسوخة التي تداولتها أيدي المحتفين بالمنتدى أو المؤتمر أو ورشة العمل، سمها ما شئت في الهواء ، نعم تتناثر وريقاتها في الهواء كطائرات ورقية بأيدي جمهرة من الأطفال ، وليتها كذلك فالطائرات الورقية يتم التحكم فيها بواسطة خيوط تشدها لتعود إلى الأرض لتطلق من جديد ، ولكن أوراق وتوصيات مؤتمراتنا ومنتدياتنا ، اقتصادية كانت أم علمية أم ثقافية وخلافها ، تطير بلا عودة وتذهب أدراج الرياح ، ويبقى الحال على ما هو عليه دون تغيير، وليس هناك من متضرر ليعود إلى ساحة الاستئناف على حد التعبير المألوف في المحاكم ، أو لنقل بشيء من الدقة : إن صرخات من نادوا بخطورة الأمر وأهمية تدارك الموقف ، لم تصل صرخاتهم إلى مبتغاها ، ربما بسبب شتاء الغفلة القوي وعنف رياحه وثلوجه ، فغلقت الأبواب والنوافذ ، فنام الوعي خلف دثار دفئه الكثيف ، وقد يقول القارئ: إننا نبالغ في رسم الصورة ، وننظر إلى الجزء الفارغ من كوب المسألة ، ولكن ألا يتفق القراء والمراقبون على حد سواء، أننا أقمنا العديد من المؤتمرات ، وعقدنا العشرات بل المئات من ورش العمل ، والمنتديات وجلسات العصف الذهني على امتداد وطننا الجميل هذا؟ كما وخرجنا بأكوام من التوصيات والدراسات ، لو أننا ترجمنا القليل منها وطبقناها على أرض الواقع ، لاقتربنا من الحلم زلفى ، ولاختصرنا الكثير من الزمن والمسافة لبلوغ الهدف ؟ . إن جلد الذات أمر غير محبب ومرفوض ، والتباكي على ما قد سلف ، لا يغير من الواقع شيئا، ولكنه قطعا سينبه القدم إلى مكان العثرة ، ويضغط على مكمن الألم لنجدّ في البحث عن طبيب ودواء ، وهذا ما دعاني للكتابة بهذه الكيفية ، مدفوعا بتذكري لمنتدى نور الاقتصادي الذي انعقد في المدينةالمنورة برعاية شرفية من غرفة المدينة قبل عام ونصف العام ، ذلك المنتدى الذي تطلع الناس والمجتمع الاقتصادي أن يكون سنويا ، وأن تلاحق توصياته ومقترحاته ودراساته بخطوات عملية، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث ، فلا المنتدى انعقد مرة أخرى رغم مضي عام ونصف ، ولا التوصيات التي لا تزال تحوم في ذاكرتنا كالطائرات الورقية ، وجدت مطارا لتحط عليها ، وأرجو أن تكون مربوطة بخيوط نستطيع التحكم فيها .. ولنا عودة. نافذة: أن تزرع فإنك تمارس الحياة فإذا حصدت فإنك تعيشها.