قال الضَمِير المُتَكَلِّم: (فَرَمَان عَلي خَان) شاب باكستاني بلغ الثانية والثلاثين مِن عمره، لم يكمل الثالثة والثلاثين؛ لأنه مات غريقًا في كارثة جدّة بعد أن أنقذ أربعة عشر إنسانًا، وجرفته المياه في محاولته إنقاذ الخامس عشر. نعم في الوقت الذي تسبب فيه الانتهازيون من المسؤولين في موت الأبرياء، كان (فَرَمَان) يُقَدّم حياته لإنقاذ هؤلاء دون أن يعرِفهم، أو يتأكد من كونهم أبناء قبائل، أو مائة وعشرة، أو مائتين وعشرين. نعم في اللحظات الذي كان بعض رجال الدفاع المدني يخافون أن تتبلّل ملابسهم بالماء والطين، وكان بعضنا يُمَارس التصوير بجواله (الفَاخِر)، أو بالعَين، منح (خَان) اليُتْم لبناته الثلاث لنجدة أولئك المساكين. (فَرَمَان) الذي تنازل عن بقية سنين عمره، ومنحها للناس، قابله بعضنا برفع أسعار الشقق، والرافعات دون سَابقة أو قياس. فيا مَن بحساباتكم وأنسابكم تتشدقون، يا مَن تنظرون لغيركم مِن البشر نظرة احتقار وَدُوْن! ماذا تقولون؟! ويا مَن استهنتم ببعض الجنسات حَدّ استخدامها في مفردات الشَّتم، بربكم بماذا تعتذرون لهذا البطل الشّهَم؟! فهل نُكَرّم (أخانا فرَمان)، أم نغتاله في بحر النسيان؛ لأنه باكستاني وبعضنا -للأسف- يؤمن بأنه يملك الزمان والمكان وحده. أعتقد أن أقل ما يجب ل (خَان) من الجهات المختصة إكرام أهله، وبناته، جزاء ما بَذَل لنا، بتكريمهم، وكفالة مصاريفهم، أو استضافتهم إذا رغبوا العيش بيننا! وأضم صوتي لمَن طالب أن يكون اسمه عنوانًا لأحد شوارعنا! ونحن أيضًا بانتظار رجال الأعمال في تكريم (فَرمَان) بطل الأبطال، وغيره من الشّجْعَان! أخيرًا شهامة هذا الرجل درس كبير لِيُعِيد البعض حساباتهم في معاملة أولئك الذين يُساعِدوننا في بناء وطننا! بطولته درس لنا أن نتواضع، وأن لا نفتخر بقبائلنا، أو بطولاتنا الوهمية! رحمك الله يا خان، وأنت أخو الشهامة وراعيها. ألقاكم بخير والضمائر متكلّمة. هَمْسَة خَفُوق: يَجُودُ بالنّفس إنْ شَحّ الضَنين بها والجُودُ بالنّفْسِ غاية الجوْدِ