حسب التغطية الصحفية التي تميزت بقدر لا بأس به من الصراحة ولغة المكاشفة بفضل الأمر الملكي الكريم ، فقد ثبت أن مجتمعنا بحاجة إلى وجود منظمات المجتمع المدني التي يمكنها أن تكون عونا حقيقيا للدولة عن طريق توفير الفرصة أمام الراغبين في المشاركة الطوعية لخدمة المجتمع . حسب ما تابعت فقد شابت عمليات الإغاثة وما تبعها من إيواء وتوزيع للمساعدات على المنكوبين ، حالة غير مسبوقة من الفوضى التي أدت إلى إصابة المتضررين بالإحباط والحزن والإحساس بالمهانة. لقد حدث ما حدث لأن كارثة بحجم كارثة جدة كانت تحتاج إلى تضافر جهود العديد من الجهات بما فيها الجهات القادرة على تجنيد المتطوعين وتنظيمهم ووضع خطة عمل لهم .. وهذا هو دور مؤسسات المجتمع المدني وليس دور الجهات الحكومية التي لا تستطيع استيعاب وتوجيه كل هذا الكم من الناس لأن لديها جدول أعمال سخرت كل كادرها الوظيفي لتنفيذه . لقد أثبت شعبنا من خلال هذه الكارثة ، مدى إحساسه بالمسئولية ومدى التفافه حول قيادته ومدى حبه لوطنه وولائه لمليكه . وأعتقد أن الوقت قد حان أمام شعب يمتلك كل هذا المواصفات ، أن يأخذ حيزا أكبر من المشاركة في إدارة شؤون حياته . لقد حاول بعض المنتفعين الذين روجوا لصورة الدولة المعصومة ، أن يوحوا للناس بأن الدولة لا تتسامح مع النقد ولا ترتاح لفكرة منح قدر أكبر من الحرية للشعب ولا ترضى بمبدأ المصارحة والمكاشفة . لكن الأمر الملكي الأخير أتى ليحسم كل هذه الأمور وليبين الحقيقة للناس وليضع حدا لكل المزايدين الذين باتوا مكشوفين أمام الجميع . من يدري فقد تصبح الكارثة علامة فارقة في تاريخنا.