يوم الثلاثاء 7/12/1430ه لم يكن يوما عاديا في حياتي ولم يكن مثل الايام السابقة نعم لم يدر في خلدي انني سوف افقد اغلى ما في الوجود افقد الانسانة التي لها المكانة العظمى في حياتي نعم في ذلك اليوم وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره شيعت طيبة الطيبة الى بقيع الغرقد وفي ايام فاضلة ودعت الدنيا انسانة نحسبها والله حسيبها انها من اهل التقوى والصلاح نعم ودعنا في ذلك اليوم داعية مخلصة لدينها واهلها وكل من يعرفها ومن لا يعرفها.. حظيت بها بمشيئة الله من الخالق والمخلوق انها زوجتي الغالية مزنة حمد الرفاعي (أم خالد) التي كانت رحمها الله المثل الاعلى للحياة السعيدة العاطفية الهادئة الهانئة ولست بصدد التحدث عن مناقبها وما كانت عليه رحمها الله من طاعة لربها ووفاء بعهدها وحياء وكرم واخلاص بل انني استطيع ان اقول ان بوفاتها صار المخفي ظاهرا. نعم كم كانت ملاذا آوي اليه انا في الشدائد كنت أقتبس منها التوجيهات الشرعية والوقفات الايمانية والنصائح الاخوية المقرونة بسلامة الصدر وصدق السريرة وكرم الخصال وعظم الصفات وحفظ العهد والود والحلم وحسن المعاشرة. نعم إذا دخلت بيتها فإذا هو روضة ناضرة باسمة مهما كانت مصاعب الحياة.. نعم رحلت أم خالد عن دنيا الفناء الى عيشة راضية بإذن الله.. لم يبك عليها اهلها وذووها وابناؤها واحبابها بل تبكي عليها دور اليتامى والحيارى التي كانت تحظى بمتابعتها بشكل سري.. تبكيك يا أم خالد حلق الذكر والمواعظ هنا وهناك تبكيك قاعات المحاضرات العلمية . والذي نفسي بيده إنني أعلم أن الله حق والموت حق وهو الحقيقة الوحيدة في هذه الدنيا ولكن القلب يحزن والعين تدمع على فراق ام خالد رحمها الله واسكنها فسيح جناته واسأل الله ان يتحقق فينا قول الله تعالى (وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون). فزيارة ملك الموت شيئ محتوم وقدر سابق معلوم وملك الموت ليس له قلب يرق حيث تؤثر فيه كلماتنا وبكاؤنا وصراخنا وتوسلاتنا وليس في مقدوره ان يمهلنا لحظة ان نراجع حساباتنا ولا يقبل هدية او رشوة لأن اموال الدنيا لا تساوي عنده شيئا ولا ترده عما جاء من اجله. الموت ليس له سن معين ولا زمن معلوم بترك المعاصي والمنكرات الظاهرة والباطنة وعقد العزم على تعمير الاوقات بكثرة الاستغفار والذكر وعمل الطاعات وغض البصر عن المحرمات في الطرقات او عبر شاشات التلفاز والقنوات الفضائية والاعراض عن اللهو واللعب والاخذ بمعالي الامور وترك سفاسفها . ولاشك ان من استعان على الدنيا بالطاعة فإنه في خير عظيم، فإن من رأى تهافت الناس على الدنيا والفرح بها والجري وراء حطامها ليأخذه العجب فهل هذا منتهى الآمال ومبتغى الآجال. كأنهم ما خلقوا إلا لتحصيل المادة وجمعها واللهث وراءها ونسوا يوما يرجعون فيه الى الله حيث يقول سبحانه وتعالى (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) يوم لا تخفى على الله خافية حيث يقول تعالى (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) أسأل الله كما جمعني بها في الدنيا وكتب علينا الفراق فيها أن يجمعني بها في الفردوس الأعلى ، ولكن يزيل الحزن على فراقها الصبر والاحتساب.