تحدث الكثير عن بحيرة مياه الصرف الصحي بشرق الخط السريع وما يمكن أن تحدثه من دمار وهدم فيما لو جادت السماء بزخات مطر لفترة غير قصيرة، وبذلك أصبحت هذه البحيرة مصدر إزعاج وإرباك وخوف لمعظم سكان مدينة جدة، ولكن لماذا لا نحيلها لمصدر هدوء وارتياح وأمان ومصدر اقتصادي رائع ومفيد . فإمكان الجهة المسؤولة ( ويبدو لي أنها في هذه الحالة هي مصلحة المجاري والصرف الصحي ) إقامة محطة معالجة لمياه الصرف الصحي بجانب البحيرة وتكون المعالجة فيها ثلاثية (للمعالجة ثلاث مستويات أولية primary، وثنائية secondary، وهي ما يهمنا في هذه الحالة، وثلاثية tertiary) لأن الماء الناتج عن هذا المستوى من المعالجة يفي بحاجة الري للمحاصيل الزراعية للاستخدام الآدمي ولكن بثلاثة شروط: أولها: أن تكون محطة المعالجة ذات كفاءة تتناسب مع حجم مياه البحيرة أو يزيد عنها بقليل حتى تكون كفاءتها الإنتاجية عالية. ثانيها: أن لا يكون معدل سرعة تدفق مياه الصرف الصحي إلى محطة المعالجة أعلى من معدل كفاءتها (استيعابها) حتى لا يكون الماء الناتج (يعبر عنه فيما بعد بالناتج) من محطة المعالجة أقل من المستوى الثلاثي (ثلاثي tertiary) وبالتالي لا يصل لمستوى المعالجة المطلوبة ليكون ماء يفي بحاجة الري للمحاصيل الزراعية للاستخدام الآدمي وعليه فسيكون مردوده الصحي سيئا جداً. ثالثها: إجراء تحليل كيميائي للناتج بمعدل يومي للتأكد من مطابقته للمواصفات العالمية وصلاحيته التامة لري المحاصيل الزراعية للاستخدام الآدمي وذلك إما بإنشاء معمل مجهز تجهيزاً علمياً كاملاً أو بالاتفاق مع جهة موثوقة بأداء معاملها (مثل جامعة الملك عبدالعزيز) للقيام بمهمة التحاليل الكيميائية. يضخ ناتج محطة المعالجة إلى عسفان والقرى المجاورة لها والتي تعد من أهم المناطق الزراعية في المنطقة وتعاني من شح شديد في مياه الري وانخفاض مستوى منسوب الآبار في بعض المناطق إلى أعماق بعيدة، بحيث تقام خزانات تغذية في مواقع مختلفة تستقبل الماء المضخ من محطة المعالجة ويتم تخزينه بها لتوزيعه على المزارع حسب الحاجة. بإقامة مشروع متكامل كهذا يزيح عن مدينة جدة كابوس فيضان بحيرة مياه الصرف الصحي وتخريب بنيتها التحتية ومنازلها وشوارعها وإحالة هذا الهاجس المرعب إلى مشروع ري زراعي له مردود اقتصادي عال.