اليوم يتفطر قلبي ألماً وأسفاً على الذين فقدناهم في سيل الاربعاء وعلى فكرة هذا ثالث سيل يسمى سيل الاربعاء فهناك سيل الاربعاء حدث منذ الاربعينيات وكان في يوم عرفة على ما اعتقد وهناك سيل أربعاء آخر حدث في الثمانينيات وهذا ثالث سيل ربوع يأتي في نفس شدة أمطار سيول الاربعاء الماضية وإنني استغرب تصريح معالي أمين جدة بأنه فوجئ بكمية الامطار وانهيار الجسور؟!! أليس معالي أمين مدينة جدة من اهالي مكةالمكرمة ويعرف ذلك تماماً؟ لماذا لا نعمل الافضل دائما حتى لا نفاجأ بالأسوأ؟ انه يوم عصيب على سكان مدينة جدة. عانينا الكثير من المتاعب والمشاق في مواجهة السيول فكنا في حالة هلع وخوف ونحن نتجه من شارع لآخر ومن حي لآخر لنجد منه منفذاً الى بيوتنا فمرة الطريق مغلق من السيول والامطار ومرة النفق مليء بالمياه واخرى الجسر منهار. فأين مشاريع تصريف مياه السيول يا أمين مدينة جدة؟ مآسٍ من الويلات والكوارث تحدث أمام أعيننا دون معين أو حتى منقذ. الكل مشغول في نفسه وأولاده مناظر محزنة ومبكية ومحبطة السيارات فوق بعضها البعض. وكأنها بواخر ترسو في احد الموانئ في المحيط. الأسر والاطفال يبكون ويستغيثون. بعض السيارات طمرت في الوحل والماء حتى انك لا ترى منها سوى اجزاء ولا نعلم ما بداخلها سواء ان كانوا احياء أم أموات. داهمت السيول مدينة جدة من جهات متعددة. حقيقة.. جدة تغرق في شبر ماء.. فكيف ومنابع من الشلالات تصب في وسط هذه المدينة التي اطلق عليها المفكرون للأسف والشعراء (عروس البحر الاحمر.. ومدينة المدائن.. وجدة غير..) حقيقة هي (جدة غير) لما تحتويه من عدم وجود بنية اساسية تحتية اضافة الى بحيرة المسك والتي تفتقر ايضا لتصريف مياه السيول وطفح المجاري وسوء التخطيط والتنظيم.. بيوت طمرت تحت الماء وأسر غرقت.. اثبتت البنية التحية بجدة أنها عاجزة تماماً عن مواجهة الامطار والكوارث الطبيعية. ويقول معالي وزير النقل بأن هناك احياء داخل مجاري السيول ونقول ايضا لمعاليه أين كنتم يا معالي الوزير اثناء التخطيط واقامة هذه المدن او القرى في مجرى السيل. لماذا الانفاق اصبحت محابس للمياه؟ حقيقة مؤلمة ان الدفاع المدني يقف عاجزاً أمام هذه الكارثة واحياناً لا نجد له مكاناً ولا صوتاً. الهواتف كلها معطلة او مشغولة. الكل يتفرج لا يستطيع التدخل او الانقاذ. لمن الشكوى اليوم..!؟ هل نشكو اصحاب المخططات؟ أم البلديات ممثلة في أمانات المدن؟ أم وزارة التخطيط؟ أم النقل؟ او الدفاع المدني؟ لمن يتوجه المواطن الذي فقد أسرته وابناءه.. لا شك لله الواحد القهار.. الذي يعلم خانئة الاعين وما تخفي الصدور..!!!! هل اصبح المواطن لا قيمة له بعد انهاء هذه المشاريع بحالتها الراهنة. أين الوازع الديني؟ أين الضمير الغائب او المستتر لكثير من القيم والمبادئ؟ أين الانتماء والوطنية؟ اليوم بعد ان قامت عليهم الحجة يدانون بشرور اعمالهم. كم من السنين ضاعت في تأسيس البنى التحتية وكم من ميزانيات صرفت وكم من مشاريع اقيمت باسم الجسور والكباري المعلقة بالرمل الهش وكم من طرق ومشاريع تصريف مياه السيول هي في عداد الضمير الغائب المستتر! فعلا اذا كنا عاجزين كمواطنين عن اقامة المشاريع في بلادنا والاخلاص لديننا فهل نستقدم ايضا اناساً غيرنا يشرفون على مشاريعنا ويكونون اخلص منا ديناً وعقيدة وامانة في تنفيذ هذه المشاريع..!!؟؟؟ الدولة رعاها الله لم تقصر في شيء فقد اعتمدت الاموال الطائلة ورصدت الميزانيات وليس بامكان الدولة ان تجعل خلف كل مسؤول مراقباً يراقبه. لا شك ان بعض المسوولين يظهرون غير ما يبطنون فهم يرغبون ان يتقاعدوا ولديهم من الثروة ما يكفيهم واولادهم واولاد اولادهم ولو كان ذلك على حساب دينه ووطنه وامانته فضميره الغائب يفرض عليه هذا السيناريو! لا يسعني الا ان اتقدم بأحر التعازي والمواساة لأسر المفقودين والمتوفين وان شاء الله نحتسبهم شهداء عند الخالق البارئ.. فمن مات غريقاً مات شهيداً.. ونسأل الله العلي القدير ان يعوض اسرهم وكل عام وضمائرنا غائبة في النعيم دائمة.. فهد محمد علي الغزاوي - جدة