لم تقف تداعيات أزمة الأمطار والسيول التى داهمت جدة أول أمس عند حدود إغراق المركبات بمن فيها والدخول الى البيوت واحتجاز الأهالى أعلى الأسطح وتحويل الشوارع الى بحيرات يصعب على المارة تجاوزها بل تخطت ذلك لتقطع شريان الحياة بين شمال جدة والجنوب وتفرق لأيام - إن جاز التعبير - بين الزوج الذى يعمل شمال المحافظة وأهل بيته الذين ينتظرونه بشوق فى جنوبها .. الغريب فى سيول الأربعاء انها جديدة فى شكلها جاءت بقوة لتقسم الطرق وتحدث نوعا من الشتات الأسري وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن مدينة جدة تدخل نفق الشيخوخة بعد سنوات طوال كنا نتغنى بأنها العروس صاحبة الوجه الصبوح .. وبعيدا عن القصص والروايات المبكية التى تقاسم حروفها الجميع بلا استثناء يبقى لنا أن نعترف أن الأمطار كشفت لنا المستور ورفعت اللثام عن وجه العروس الذى كنا نحسبه جميلا بل وفضحت زيف الحكايات المسلّية والمضحكة التى يكررها مسؤولو أمانة جدة عن مشاريع بمئات المليارات ستنقل المحافظة «المسكينة» إلى مصاف الأجمل والأرقى عربيا. مشهد جديد على عروس البحر الأحمر والطائرات العمودية تنتشل الأهالى من أسطح المنازل وتمد لهم زجاجات الماء ووجبات الطعام كى تضمن لهم النجاة والحياة ومع قتامة الصورة التى عاشها الجميع ومازال يعيشها البعض يبقى السؤال مفتوحا .. اين المشاريع الحلم التى تشدق بها مسؤولو الأمانة لسنوات والى القنوات تتحرك المليارات التى تنفقها الحكومة من اجل مدينة بلا معاناة وماهو ذنب الصغار والكبار والنساء الذين اغرقهم السيل وعلت صرخاتهم داخل الأحياء الموصوفة بالشعبية ومتى يتحرك المسؤولون القابعون على المكاتب الوثيرة للرفق بالإنسان ؟ واخيرا متى سيصل الزوج لزوجته والابن لبيته والابنة لحضن امها فى وقت قطعت فيه السيول الطرق واصبح اللقاء بعيدا بعيدا ... سيول الأربعاء درس ينبغي ان لا يمر وكلنا خوف أن يمر دون وقفة جادة وفاعلة تنهى ازمة يشكوها الأهالى كل عام ولا حلول.