شعب مصر وشعب الجزائر ابناء أمة عربية إسلامية واحدة، كافحا من أجل التحرر من الاستعمار، أحب كل منهما أخاه، وعاون كل منهما شقيقه في رفع الظلم والعدوان، ناصر كل منهما صاحبه في قضاياه العادلة قرونا وعقودا من الزمن. إنني لم أعدد ما كانت تقوم به مصر من مساندة لاختها الجزائر في محنتها أيام الاستعمار الفرنسي، ومن إسهام في نهضة الجزائر العلمية والاقتصادية والاجتماعية مما أملاه واجب العروبة والإسلام على الأشقاء تجاه بعضهم البعض. وأدع هذا للمنصفين من أبناء الجزائر وهم كثير ولله الحمد. فليس من حسن الخلق والشهامة المن بالعطية خاصة وأنها حق من حقوق الأخوة. ولكني أود أن أذكر بعضنا البعض والغافلين من أبناء شعبنا وصغار السن الذين لم يعرفوا الكثير عن تاريخنا المجيد ومن انجرف في وحل المهاترات الإعلامية وسعير الحروب الكلامية ودعاة الفتنة والمندفعين بلا وعي في معارك مفتعلة وبطولات وهمية، أود أن أذكرهم جميعا ببعض من صور الحب والإخاء والتعاون بين البلدين الشقيقين. إنني إن كنت أنسى فلا أنسى صورة الطيارين الجزائريين الذين أرسلتهم الجزائر لمساندة إخوانهم المصريين بعد نكسة 1967 والتي نشرت في جريدتي الأهرام والجمهورية وهم يستظلون جالسين تحت أجنحة طائراتهم رافضين الدخول إلى الاستراحة الخاصة بضباط الطيران، منتظرين متحفزين وهم على أهبة الاستعداد للقتال لصالح نصرة أخوانهم في مصر وقياما بواجب العروبة والإسلام. ولا أنسى يوم سافر الرئيس الجزائري هواري بومدين إلى روسيا لتسديد بعض الدفعات المستحقة على مصر ليستمر مدها بالسلاح في وقت الأزمة بعد أن امتنعت روسيا عن ذلك حتى تدفع مصر الأقساط السابقة، وجهوده في إقناع روسيا بجدولة الديون والدفعات حتى تستطيع مصر الاستمرار في نضالها وحماية شعبها وأراضيها. والقائمة والأمثلة طويلة لمن أراد العبرة والعقل والحكمة، من يجحد أخوة مصر والجزائر إلا جاهل؟ ومن يسعر الفتنة بينهما من أجل مباريات كروية وبطولات وهمية مصطنعة إلا أحد ثلاثة: إما جاهل لا يعرف التاريخ ولا يقيم لماضيه وزنا، أو صاحب هوى أعمى يطير مع كل نعرة وفزعة، أو صاحب أغراض غير شريفة لا يهمه إلا إلهاء الشعوب فيما يضر أكثر مما ينفع ويريد إشغالها بما لن يرقى بها أبدا في مصاف الأمم لا من الناحية العلمية ولا التقنية ولا الحضارية. بل وأقول أيضاً ولا حتى من الناحية الرياضية، فالرياضة هواية ترقى بأصحابها وهي وسيلة وليست غاية، فهي ممارسة تعود بالنفع على صحة الفرد الذي يمارسها بدنا وعقلا وروحا. وهو حتما وللأسف ما لم ولن يتحقق بما يمارسه الكثير من أبناء العروبة من التشجيع الأعمى والغوغائية والتعصب وإذكاء النعرات والعصبيات في الملاعب والمدرجات والشوارع بل وللأسف في المنابر الإعلامية التلفازية والصحفية وغيرها. ولا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل وهدى الله الجميع لما يحب ويرضى وبصرهم بحقائق أنفسهم وما ينفعهم. د. أحمد المرابط_ مصر