لن تكون محظوظاً بالكامل لو تم تكليفك كصحفي سعودي ضمن بعثة صحيفتك التي تنتمي إليها لتغطية أحداث موسم الحج، والسبب ببساطة أنك ستدخل ومن معك من أعضاء البعثة في رحلة شاقة وصعبة للبحث عن مقر يؤويكم كي تقوموا بمهامكم الصحفية، وهذا يستنزف وقتاً وجهداً كان أولى به العمل الصحفي كمهمة أساسية، وقد تضيق الدائرة إلى درجة الاختناق فلا تجدون سبيلاً غير “تسوّل المكان” هنا وهناك. بعثة صحفية استقر بها الحال في أحد مواسم الحج داخل مخيم الدفاع المدني الذي تفضّل مشكوراً باستضافتهم، وكان على الصحفيين أن يجدوا أدمغة تحترف التركيز في وسط صيحات العسكر. في عام آخر استقر بها الحال داخل مخيم أمانة العاصمة المقدسة، وعلى ذات الادمغة أن تتأقلم مع “قرقرات” عمال النظافة، وإلا فلن تنجح. ذات عام خرج حاج أكاديمي مثقف من شمال أفريقيا من بوابة مخيمة ليجد أحد الصحفيين السعوديين على الرصيف بجوار البوابة يتصفح ما نشرته له جريدته من مواد.. سأله هذا المثقف عن موقع المؤسسة الإعلامية (وزارة الإعلام)، وذهل أن الصحافة ليس لها مكان في المنظومة!. هذا الصحفي المغلوب على أمره، لم يجد إجابة أكثر من أن يحمل على ظهره جهاز “اللاب توب” وفي يده جريدته ويغادر المكان.. ربما إلى أحد الأرصفة بين الحجاج المفترشين!! رئيس هيئة الصحفيين السعوديين تركي السديري قال بأن الهيئة ليس لديها علم عن حجم معاناة البعثات الصحفية في منى، وحج هذا العام قد زلف، لكن نتمنى أن يصلنا العام المقبل شيئاً من الإخوة الصحفيين حتى نعالج الأمر مع وزارة الثقافة والإعلام ومع الجهات ذات الاختصاص. رئيس تحرير صحيفة شمس خالد دراج علق الجرس داخل ردهات المؤسسات الصحفية، ورأى أنها معنية بالكامل في تجهيز مواقعها، ويضيف أنه من المعيب على المؤسسات الصحفية، وبالذات المؤسسات الكبرى، أن تلجأ إلى شركات أو مؤسسات طوافة أو قطاعات حكومية لاستضافتها، فمن المفترض من المؤسسات الصحفية أن تعدّ لها مواقع خاصة وتجهزها بشكل متكامل، وبالذات في منى، فأنا ضد استضافة القطاع الخاص للمؤسسات الصحفية. ويرى مدير تحرير الاقتصادية علي المقبلي أن المسؤولية تتحملها وزارة الثقافة والإعلام باعتبارها المرجعية الرسمية، فحتى لو طالبنا المؤسسات الصحفية لتقوم بمسؤوليتها، إلا أن وزارة الحج لا تسمح للقطاع الخاص داخل المشعر، بل ومن ضمن تقريرها السنوي الذي درس في مجلس الشورى، تطالب بخروج مواقع الدوائر الحكومية إلى خارج مشعر منى، وأذكر أنني طرحت تساؤلا على أحد مسؤولي وزارة الإعلام في وقت سابق و ذكر أن لدى الوزارة مشروع إنشاء برج في الموقع الحالي لوزارة الإعلام أعلى مشعر منى وبجوار إمارة منطقة مكةالمكرمة وسوف يرى النور قريباً، ورحل ذلك المسؤول عن الوزارة، وربما رحل معه الحلم!.