رغم أننا نتحدث كثيرا عن الديمقراطية إلا أننا ننسى دائما أن الديمقراطية لا تنحصر فقط في النموذج الغربي التقليدي للديمقراطية . هناك على سبيل المثال الديمقراطية الإسكندنافية، وهو نموذج يتفق مع الديمقراطية الغربية من حيث الأدوات ويختلف معها من حيث الفلسفة والغايات . في الديمقراطية الغربية الهدف الأهم هو توفير الضمانات المطلوبة لحماية رأس المال وللسماح له بالنمو . أما في الديمقراطية الاسكندنافية فإن الهدف هو توفير الأجواء المناسبة لتنمية الفرد ، بالإضافة إلى العمل على تحقيق التضامن والتكافل الاجتماعيين . في الغرب ليس مسموحا لأحد أن ينقلب على فلسفة رأس المال بغرض إحداث تغييرات جذرية على قوانين اللعبتين: الاقتصادية والاجتماعية . أما في الديمقراطية الإسكندنافية فإنه من غير المسموح لأحد بأن يخترق منطقة التكافل الاجتماعي أو يقترب من مبدأ تكافؤ الفرص أو الرعاية التي توفرها الدولة لأفرادها . على سبيل المثال فإن حق الفرد في التعليم والرعاية الصحية هو حق مقدس في الديمقراطية الإسكندنافية . وهو حق يشمل الجميع دون تمييز . وهذا يعني أنه ليس هناك وجود لبزنس التعليم ، وكذلك الحال بالنسبة للرعاية الصحية . وبالطبع فإن كل هذا بالإضافة إلى عدم وجود هوة بين الطبقات ، هو الذي يجعل المواطن الإسكندنافي يرحب بدفع نصف دخله كضريبة للدولة . الملفت هو نجاح الديمقراطية الإسكندنافية في النأي بمواطنيها عن العقلية الاستهلاكية المسيطرة على العالم . ففي تلك الدول لا يسعى المرء للحصول على الأشياء إلا إذا كان يحتاج إليها فعلا . الديمقراطية الإسكندنافية نموذج يستحق الدراسة .