في رحلة سفرٍ داخلية، جلستُ في الطائرة بجوار رجلٍ جعلني أتأسف مما بدر منه، إذ استدعى المضيفَ السعودي وطلب الضيافة منه لا من المضيفة الوافدة، لأنّ (النظر منها وإليها حرام)، وما بين القوْسيْن قاله بصوتٍ أقرب إلى العلن منه إلى السر، وبطريقة لا تخلو من الغلظة والفظاظة!. وحتماً أبلغ المضيفُ المضيفةَ بطلب الرجل، فقد لاحظتُ حرجاً في وجهها وتبديلاً بين مركزيْهما أغلب وقت الرحلة، هو عمل في جهتنا، وهي عملت بعيداً عنا، فهلّ تقرّون ما بدر عن الرجل؟ أنا لا أقرّه، جُملة وتفصيلا، شكلاً ومضمونا، لعدّة أسباب، فإن كانت المُضيفة مسلمة فليس من الحكمة والموعظة الحسنة أن تُحرج امرأة مسلمة علناً ويُوحي إليها بأن عملها في الضيافة الجوية فادح، وإن كانت غير مسلمة، فتخيّلوا كمّ النفور الذي أصابها من ديننا الحنيف، وهي ترى أنه لا يُنظر إليها من بعض معتنقيه سوى أنها مصدر للفتنة وسبب للخطيئة ينبغي تفاديه حتى في الأماكن العامّة المختلطة بالرجال والنساء، ثمّ إن رأى أنّ كشفها لوجهها حرام، فكشفُ المرأة لوجهها فيه اختلاف بين العلماء، فلم لا يحترم الآراء المخالفة لرأيه؟ وإن رأى حُرْمة عملها لأنه في بلدٍ غير بلدها ولا يُرافقها مَحْرَم، فهو كعمل الشغّالات الوافدات اللاتي يعملْن في بيوتنا بلا محارم، والمصيبة الكبيرة بل والكارثة العظمى أن يكون في بيت هذا الرجل شغّالة بلا محرم ولا يرى في التعامل معها والنظر إليها مشكلة أو بأسا، و هذه ازدواجية غير مقبولة في الموقف وقولٌ ممقوتٌ لأنه لا يُفعل!. إنّ مجتمعنا لا يرضى بتوظيف المرأة السعودية كمضيفة في طائرات خطوطنا الوطنية أو الأهلية، فإن استبدل بها المرأة الوافدة، فهذا لا يُجيز لبعض أفراده أن يُحرج هذه الأخيرة ويُوحي إليها بفداحة عملها، فهي ومثيلاتها قد تغرّبن وعملْن في خطوطنا لشظف عيْشهنّ وقسوته في بلادهنّ، خدمة لأحد مرافقنا الحيوية والهامة، وتقديرهنّ إنسانياً ومعنوياً كما تُقدر المرأة السعودية العاملة لدينا هو خيرٌ ومطلوب على وجه الضمان والسرعة. فاكس 026062287 [email protected]