نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً للكاتب عناية بنقلاوالا تحدث فيه عن تأكيد الرئيس أوباما على مبدأ حرية الأديان، والآراء التي ينادي بها عدد من العلماء المسلمين حول هذا الأمر، وقالت الصحيفة: دأب الرئيس الأمريكي باراك أوباما منذ مجيئه للسلطة على التأكيد على حرية الأديان، وحق كل إنسان في أن يعتنق من الأديان ما يراه صحيحاً ومقنعاً بالنسبة له. كما أكد على أهمية امتلاك كل إنسان للحرية التي تخوله اتباع ما يريده من معتقدات. وشدد أوباما بعبارات واضحة على أن كل شخص في هذا الولاياتالمتحدة حر في اعتناق الدين الذي يريده وأن يكون هذا الاعتناق مبنياً على الاقتناع العقلي والقلبي والروحي وأن حرية المعتقد هي العامل الرئيس الذي يمكن المواطنين من العيش بسلام في وطن واحد. وتمضي الصحيفة قائلة: يقر الدين الإسلامي مبدأ حرية العقيدة، وفي ذلك يقول القرآن الكريم: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي". لذلك فالإيمان قضية شخصية جداً وكل شخص في الحياة ينبغي أن يتمتع بالحق في تحديد الدين الذي يتبعه. وتمنع الكثير من دول العالم الإسلامي المسلم من تغيير دينه واتباع دين آخر غير الإسلام. ويجد "المرتدون" أنفسهم في هذه الدول أمام المحاكم في مواجهة أحكام صارمة قد تصل حد الموت. وتعرض الصحيفة لآراء بعض العلماء المسلمين الذين يقرون بحق الإنسان في تغيير ديانته، وتقول: في ورقة مترجمة إلى الإنجليزية يؤكد العالم المغربي أحمد الريسوني على حرية العقيدة وحق الإنسان في تحديد الدين الذي يريد اتباعه مستدلاً على كلامه بأدلة من القرآن والسُنة، ودلل الريسوني على حديثه بما يلي: ذكر القرآن أولئك الذين تخلوا عن الإسلام وارتدوا عنه في كثير من المواضع دون أن يحدد بالضبط عقوبتهم الدنيوية. وأن القرآن ناقش أولئك المرتدين وأبان خطأهم، لكنه أكد أن عقابهم سيكون في الآخرة بواسطة الله عز وجل. وفي ما يتعلق بالأحاديث النبوية أكد أن معظم الأحاديث الواردة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بقتل المرتدين ليست بالقوة والمصداقية الكافية. لذلك يشير الريسوني إلى أن قضية تغيير الدين ينبغي النظر إليها على أنها قضية شخصية وليست خاضعة لأي تدخل من الدولة، إلا إذا صاحب ذلك الارتداد عصيان مسلح أو فعل عسكري منظم. وتسترسل الصحيفة قائلة: يتفق العديد من العلماء المسلمين على ما ذكره الريسوني، ومنهم العالم الدكتور جمال بدوي المعروف بعلاقاته القوية مع الجاليات المسلمة في أوروبا والولاياتالمتحدة حيث يقول على موقع الإسلام أون لاين: أنا مقتنع تماماً بأن الذريعة الوحيدة لقتل المرتد هي عندما يكون ارتداده مقرون بجرائم حدية مثل القتل أو الخيانة العظمى. وخلال العام الماضي قال مفتي مصر الدكتور علي جمعة أن الناس ينبغي أن يعطوا الحق في تغيير دينهم، واشار جمعة إلى أنه يستدل على حديثه بثلاث آيات من القرآن الكريم الأولى هي قوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين) والثانية قوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) والثالثة (لا إكراه في الدين). وتختم الصحيفة مقالها قائلة: من الملاحظ أن من يرتدون عن دينهم لا زالوا يعاملون معاملة سيئة في معظم أنحاء العالم الإسلامي. ولكن على العموم فإن المواقف التي تبناها العلماء الثلاثة أعلاه ينبغي أن تكون أملاً في مواجهة التحدي القائم. وقد واجه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في حياته مشاكل مشابهة في بدايات دعوته عندما اضطر المسلمون الأوائل – وخصوصاً الذين كانوا من الطبقات الفقيرة في المجتمع – للاضطهاد والتعذيب من مشركي مكة لتخليهم عن دين أسلافهم . أما اليوم، وفي ظل الحرية التي تسود العالم، فإن نفس الحرية التي تسمح للناس باعتناق الإسلام ينبغي أن تستوعب أولئك الراغبين في التحول إلى أديان أخرى.