الوثيقة : رسالة خطية من : الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل الى : عبدالرحمن بن عودان التاريخ : 1364ه/ 1945م الموضوع : فتح مدرسة دار التوحيد بالطاىف توطئة : كان للملك عبدالعزيز –رحمه الله – أثر فكري في مؤسسات التعليم، فقد كانت معظم المناطق تعيش حالةً من الجمود والتقليد في التعليم، المتمثل في بعض الكتاتيب، وحلقات الدراسة، ولم تمض مدة يسيرة على ذلك الوضع حتى تبدلت الأحوال ، وتغير الواقع التعليمي في كل مناطق المملكة العربية السعودية إلى مستوى أفضل بكثير عما هوعليه، فأقيم التعليم، وأوجدت المدارس، ووضعت المناهج، وسياسة التعليم، وجلب المدرسون من البلاد العربية، وحولت الكتاتيب إلى مدارس منظمة، كما حولت حلقات الدروس في المساجد إلى عامة، وفي الحرمين الشريفين إلى معاهد ودور كلها وفق أساليب التعليم حديثة , وممن هو خير شاهد على ذلك التحول هذه الرسالة المؤرخه في سنة 1364ه/ 1945م والتي أرسلها الملك عبدالعزيز إلى عبدالرحمن بن عودان لفتح مدرسة التوحيد في الطائف، النص: مماورد في نص الوثيقة : «بعد ذلك اعتمدنا على الله- إن شاء الله- أننا نفتح مدرسة بالطائف؛ لأجل العلوم النافعة، الذي لا بد أن يشرحها لكم الابن فيصل، فأنتم- إن شاء الله- تعتمدون ذلك، وتنتخبون من المدارس الرجال الطيبين، أومن الأهلي الذين أعمارهم من خمسة عشر سنةً إلى خمس وعشرين، الذي فيه نفع- ان شاء الله- للدين والدنيا؛ لأن هذي مصلحة عامة للدين والبلاد... اعتمدنا على الله». مضامين هامة : 1- اهتمام الملك عبدالعزيز- رحمه الله- المباشر بمدرسة التوحيد، والإشراف عليها مباشرةً، وربطها بالقصر، هذا الاهتمام يعكس التبني السياسي الذي كان على درجة من الفعالية، والتفوق مع بناء العقل، وكان أمام الجانب السياسي تحديات عديدة، منها: ما هو ملتصق بالمجتمع، ومنها ماهوقائم في الأذهان، فأدرك الملك عبدالعزيز- رحمه الله- بفكره السياسي أنه يتطلب عليه أن يحقق النجاح في العقل، مثلما حقق النجاح في الوحدة، وبناء دولته. 2- العلوم النافعة التي ذكرت في الرسالة، وذكرها في أكثر من رسالة، وهي: علم التوحيد، والعبادات (الفقه)، والعلوم الأخرى النافعة، التي إذا تعلمها الفرد من الأمة تفقه في دنياه وأخراه. 3- تحديد شروط القبول، وبحسب الرسالة أن العمر المطلوب هوما بين(15-25) عاماً، وهذه الفكرة التربوية الرائدة تسمى اليوم بتعليم الكبار. 4- الأختيار الدقيق للمعلمين ، فقد اشترط الملك عبدالعزيز –رحمه الله- أن يكون اختيار المعلمين القائمين على هذه المدرسة من ذوي الصفات، والخصائص العالية من الأخلاق السامية، ومن الرجال الطيبين؛ لأنه أدرك بفكره أن المعلم قدوة للآخرين في أفعاله، وأحواله، وأقواله، فلابد أن يكون ذا علم، وعمل، وخلق. 5- تحديد المنهج التعليمي ، وقوله: « مصلحة عامة للدين والدنيا والبلاد « تنبىء عن وعي ورشد عظيمين كبيرين، حيث ربط بين الدين ومتطلباته، وبين الدنيا ومتطلباتها، وبين مصلحة الأمة بعامةٍ، ومصلحة الفرد بخاصةٍ، فثمرة التعليم في حس الملك عبدالعزيز –رحمه الله -يجب أن تشمل الدين، والدنيا، والوطن. استاذ الدراسات العليا التاريخية بجامعة ام القرى