من أسماء الله سبحانه وتعالى (السلام) وقد ورد في القرآن مرة واحدة في قوله تعالى: ﴿هُوَ 0للَّهُ 0لَّذِى لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ 0لْمَلِكُ 0لْقُدُّوسُ 0لسَّلَٰمُ﴾.. ومعناه: السالم الذي سلمت ذاته وأسماؤه، وصفاته وأفعاله، فلا يلحقها عيب ولا نقص مما يعتري صفات المخلوقين.. يقول ابن القيم رحمه الله: «وكم من حفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من الأسرار والمعاني!». جعل الله سبحانه تحية المؤمنين بينهم السلام، فقال تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُۥ سَلَٰمٌ﴾ وقال تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾. وجعل الله تبارك وتعالى إفشاء اسمه (السلام) في الدنيا سبباً لدخول جنته دار السلام في الآخرة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلُكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم). أثناء جلوسي على كرسي يتوسط الممشى ألتقط عليه أنفاسي اللاهثة، بعد جولة من المشي الصباحي، اقترب عامل النظافة من حاوية مجاورة للكرسي، وعلى غير العادة لم يُسلّم! فقد اعتدنا من هؤلاء الإخوة الابتسامة والسلام، ومن باب رد القليل من ديون التحايا السابقة سلمتُ عليه وسألته عن حاله، ثم قلت له بود: «ما شاء الله أنتم دائماً تلقون السلام وعلى مُحياكم ابتسامة لطيفة ما الذي حرمني منها الآن؟». أجابني بنبرة حزينة صدمتني كلماتها: «في الفترة الأخيرة وجدتُ عتباً وغضباً من بعض من أُسلّم عليهم! فآثرتُ السلامةَ ولم أعد أسلّم على أحد». واسيته بكلمات علّها تجبُرُ خاطراً مكسوراً أو تُرمِّمُ روحاً أرهقتها الغُربة والتعب، ثم ابتعدتُ عنه وأفكاري تتهادى بين خطواتي، ما الذي يجعل مسلماً عاقلاً يتهاون في رد السلام بل ويصل إلى حد المُعاتبة وسوء المُعاملة؟! هل هي الفكرة السخيفة التي تنتشر على هيئة دُعابة غبيّة أن عامل النظافة يمتهن السلام والابتسام بغرض الاستعطاف والحصول على ريال أو ريالين، ما هذه الفِطنة التي لا تحضر إلا أمام الضعفاء والمساكين، ألا يمكنك أيها النبيه التافه أن ترد السلام الواجب عليك شرعاً، وأن تصطنع ابتسامة مُجاملة بشفتيك لُطفاً، واحتفظ بما في جيبك من أموال وبما في عقلك من أفكار، فليس كل الناس موفقون لفعل الخير، وليست كل دُعابة حقيقة.