لا أعلم من أين أبدأ ولا من حيث أنتهي عند الحديث عن تصحر المدن والتوازن البيئي وعن خطره على المدى القريب مهما كانت قوة تلك المؤثرات التي حتماً سيكون لها تأثير سواء من حيث الأثر النفسي أو الصحي أو من حيث الناتج المحلي أو القومي ولو ضربنا مثلاً بمحافظة البكيرية الأولى عالمياً من حيث التوازن البيئي المحيط بها حيث التوئمة بين التمدن وبين الزراعة وإبعاد أو التقليل من الإنبعاثات الكربونية لوجدناها من أجمل المدن الصالحة للحياة التي ينشدها الجميع وفي المقابل ضاحية المندسة بالمدينة التي كانت يومًا من الأيام تشكل رافداً أساسياً من روافد الإنتاج المحلي للمدينة والقومي من حيث وفرة الإنتاج والبيئة الزراعية الخصبة. وأذكر أن مزرعة والدي-رحمه الله- كانت تنتج أكثر من واحد وعشرين صنفاً من أنواع الفواكه والخضار والورقيات والتمور وكانت مع بقية المزارع المحيطة بها تشكل جبهة غربية للمدينة بصد الأتربة وإيقاف الرمال والتصحر في مقابل نسائمها التي تنقلها الرياح للمدينة وإنتاجها اليومي ليكون لها حيزاً في النشاط الاقتصادي للدولة أما اليوم فهي خاوية على عروشها تذهل من المنظر وأنت تقف على آطاليلها وأطاليل بقية المزارع التي تعرضت لعوامل الاستثمار العقاري والتصحر وفقدان البيئة الزراعية ونقص في الإنتاج المحلي، ما ينعكس سلباً على البيئة والدولة من حيث عقد الإتفاقيات التي تضمن وفرة المنتجات التي باتت بالانقراض أو التي نقص المخزون منها والجميع تعلم درسًا مؤلمًا حينما انتشر وباء كورونا كيف توقفت الأسواق الدولية وما حصل للدول التي كانت تعتمد اعتماداً كلياً على الاستيراد الخارجي دون النظر للأبعاد التي تعلمناها من قادتنا-حفظهم الله- في شتى مجالات الحياة، لاسيما وأن مثل هذا الأمر لا يخص فرداً بعينه وإنما شعب بأكمله على المدى البعيد ومن هنا أدعو الجميع بمحاولة استغلال المساحات بالزراعة والتشجير وإعادة استخدام أو تدوير المياه المعالجة أو حتى مياه المغاسل اليدوية ومغاسل الوضوء في المساجد بتشجير المكان وزراعته، بما ينفع إن لم يكن للإنسان فعلى أقل تقدير أن يكون صالحاً للحيوان، سواء في الظلال أو في الأكل علاوة على ذلك أنها تقلل من الانبعاثات الكربونية التي تواجهها الدولة اليوم في مبادرتها تحت مسمى السعودية الخضراء بمليارات الأشجار؛ حفظ الله الجميع.