لم يكن حوارَ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمس الأول بمناسبة مرور 5 أعوام على انطلاق رؤية 2030، مجرد لقاء من أجل رصد المنجز الذي تحقق في هذه السنوات القليلة، وإنما كان كان مكاشفة واضحة للعيان من قائد ملهم، وقفنا من خلالها على إنسانية الأمير المسكون بهموم وطنه ومواطنيه، كما لمسنا بإعجاب قائدا يتسم بالشجاعة والإيمان بمكتسبات وطنه، مما أكسبه حب الجميع وتقديرهم، فكانت المحصلة الانطلاق نحو تشكيل اقتصاد متعدد الأركان بعيدا عن النفط فقط الذي يعاني من تقلبات سعرية مستمرة، وانفتاح على حل الأزمات في المنطقة خاصة مع إيران وميليشيا الحوثي الانقلابية بشرط الإيمان بالسلام وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. ملفات السكن والبطالة والإيرادات وعلى الرغم من مضي أعوام قليلة على بدء تطبيق رؤية 2030، إلا أنها استطاعت بفضل من الله ثم بمتابعة شخصية من سمو ولي العهد، كسر وتحقيق العديد من الأرقام والمستهدفات المهمة سواء في نسبة تملك المساكن أو رفع الإيرادات غير النفطية وخفض نسبة البطالة وتسريع قطار التوظيف النوعي في مختلف القطاعات. قبل رؤية 2030، كانت قضية السكن تمثل هاجسا لغالبية الأسر لتقاطع مسؤولية هذا الملف مع العديد من الجهات مع غياب الرؤية الواضحة، وكان الانتظار يمتد إلى اكثر من 15 عاما أو أكثر، أما مع الرؤية، فقد وصل الوضع إلى مستوى غير مسبوق من الإنجاز الذي بات معه الاستحقاق شبه فوري مما أدى إلى ارتفاع نسبة التملك لأكثر من 60% مقابل 47% قبل الرؤية، واقترب حجم التمويل من نصف تريليون ريال. أما بالنسبة للإيرادات غير النفطية، كان الإنجاز قياسيا، بوصولها إلى 369 مليار ريال مقابل 155 مليار ريال قبل الرؤية، وقد ساهم ذلك في احتواء الآثار السلبية لتقلبات أسعار النفط التي هبطت العام الماضي إلى ما دون العشرين دولارا نتيجة تداعيات أزمة كورونا، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الإيرادات النفطية بأكملها العام الماضي كانت بالكاد تكفي رواتب وحوافز الموظفين وكلفة التشغيل والصيانة. وفيما يتعلق بمواجهة البطالة، فالمقاربة بعد الرؤية تبدو مختلفة، بالتركيز على الوظائف النوعية وتنويع الشراكات لتوفير 300 ألف وظيفة في وقت قياسى. ولاشك أن التحسن في هذه الملفات الثلاثة الأكثر تلامسا مع هموم كل أسرة من شأنه أن ينعكس إيجابا على الاقتصاد المتوقع أن يرتد بقوة خلال العام الحالي كما قال سمو ولي العهد. ويبقى التحدي الأهم مناطا بالخريجين الذين يجب أن يعملوا على تطوير مهاراتهم ليكونوا أكثر جاذبية في سوق العمل مقارنة بالعمالة الأجنبية، ولعل ما يدعم ذلك الكثير من التشريعات والأنظمة الجديدة لدعم العمالة الوطنية بسوق العمل. ضريبة القيمة المضافة والدخل لم يكن مستغربا أن يعكس الحوار قرب سمو ولي العهد، من كل المواطنين وخصوصًا خلال حديثه عنهم وعن همومهم وتطلعاتهم، وأن ما تتخذه الحكومة من خطوات وبعض القرارات هدفها الأول بناء مستقبل أكثر ازدهارًا للسعوديين، وفي هذه النقطة جاء توضيحه لقضية ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15% من أجل زيادة الإيرادات غير النفطية بعد أن تراجعت أسعار النفط، وتأكيده على تألمه لفرضها بهذه النسبة وأن الحد الأقصى لها قد يصل إلى 5 سنوات، لتعود بعدها لما يتراوح بين 5 و10%. أما الأمر الثاني الذي جاء في السياق ذاته، ولم يكن أقل أهمية على الإطلاق فكان تأكيد سموه على عدم فرض ضريبة على الدخل إطلاقا، وفي ذلك رسالة طمأنة للجميع ودعم للاستثمارات الوطنية واستقطاب المستثمرين من الخارج بعد الطفرة التي تحققت العام الماضي على الرغم من تداعيات كورونا وحالة البطء الاقتصادي التي سادت دول العالم. الاعتماد على الكفاءات ولا شك أن قصة النجاح التي رواها سمو ولي العهد في رحلة التحول إلى رؤية 2030 تستحق أن تكون نموذجًا يُحتذى في عمليات البناء الحكومي، من خلال تمكين الكفاءات وبناء جيل متسلح بالشغف على مستوى القيادات والصف الثاني، والمؤمل أن تشهد الفترة المقبلة نقلة في أداء الأجهزة الحكومية من أجل رفع كفاءة الأداء والحد من الهدر المالي وحسن استغلال الموارد المالية وذلك من خلال الأفكار الابتكارية والإبداعية، ولتكن قضية الإسكان نموذجا واعدا في هذا الإطار إذ أنهت بلا رجعة قوائم الانتظار وحسمت تأخر التمويل من خلال تنويع قاعدة الشراكات والتمويل مع المؤسسات المالية المختلفة. حوار الثوابت لقد كان حوار الأمير بحق يسجل بماء من ذهب وهو يشدد على العديد من الثوابت من أبرزها مجانية خدمات الصحة والتعليم، فيما يعد برنامج التحول الصحي من أهم البرامج الجديدة لرؤية 2030 لتغطية أكبر قدر ممكن من المواطنين ببوليصة التأمين سواء من العاملين بالحكومة أو القطاع الخاص مما سيحفز القطاع لتطوير المنشآت الطبية.. كما ينظر سمو ولي العهد للتنمية في المملكة، نظرة شمولية، فلا تفرقة بين مدينة وأخرى ولا إقليم عن آخر، كما قطع الطريق بحسم أمام كل من يحاول التدليس بشأن رؤية 2030 والإصلاح الاجتماعي، بتأكيده الالتزام بدستور المملكة (القرآن والسنة) والنظام الأساسي للحكم وتطبيقه على أفضل وجه بمفهوم واسع يشمل الجميع، وانطلاقا من ذلك جاء تأكيد سموه على الهوية السعودية القوية التي تستمد أصالتها من الإرث الإسلامي والتاريخي، وتحرص في الوقت نفسه على مواكبة كل جديد، ومن هذه الزاوية فإنه لا مكان في المملكة إلا للمشروع السعودي الوطني بعيدًا عن المشاريع الظلامية سواء المتطرفة أو الإرهابية لأن المملكة دولة اعتدال وتسامح وتعمل على تكريس كل المفاهيم الإنسانية للتقريب بين أتباع الأديان والثقافات. لغة الأرقام وقطار الرؤية والحقيقة أنه إذا كانت لغة الأرقام لا تكذب، فإن قطار الرؤية ما كان له أن يمضي بهذا الحماس بدون دعم القيادة الرشيدة، للجهاز التنفيذي في الدولة حتى يتم التنفيذ في إطار خطوط متوازية دون أن يفتر الحماس كما كان يحدث في السابق، لقد كان الأمر من الصعوبة بمكان والهدف هو التحول من اقتصاد ريعي يعتمد على النفط فقط إلى اقتصاد متعدد الأركان يشمل الصناعة والسياحة والزراعة والخدمات اللوجستية والتعدين وغيرها من القطاعات. وكانت البداية من القناعة بأهمية أن يكون هناك دور أكبر للصناعة من خلال تأسيس وزارة مستقلة لها من أجل دعم الإنتاج الوطني والحد من الواردات من الخارج، وكان من ثمار ذلك ارتفاع عدد المصانع إلى قرابة 10 آلاف مصنع والاستثمارات إلى 1.1 تريليون ريال والبدء في تطوير 14 مدينة صناعية مختلفة تقع على مساحة 34 مليون م2، وفيما ارتفع الناتج المحلي غير النفطي إلى 59% مقابل 55% قبل الرؤية، تم تقليص الوقت المطلوب لتأسيس الشركات إلى 30 دقيقة فقط مقابل 15 يوما يجري فيها مراجعة 8 جهات حكومية على الأقل. وإذا كانت الرؤية قد جاءت لتعظيم مكتسبات الوطن، فإن من نافلة القول الإشارة إلى بعض الملامح والإنجازات التي تحققت على الأرض ومن بينها ارتفاع أصول صندوق الاستثمارات العامة إلى 1.5 تريليون ريال فى الطريق إلى الوصول بها إلى 10 تريليونات ريال فى 2020، والتوجه إلى طرح المزيد من الحصص في شركة أرامكو للاكتتاب العام أو البيع لمستثمرين أو شركاء استيراتيجيين لتعزيز قوة الشركة في الخارج. 370 مليار ريال وفرا ماليا وإذا كانت الرؤية وضعت في سلم الاولويات، رفع كفاءة الإنفاق المالي، فقد كان المتحقق خلال السنوات القليلة الماضية على مستوى الطموح من خلال تحقيق وفورات فى النفقات الرأسمالية والتشغيلية بلغت أكثر من 370 مليار ريال، وتأسيس المركز الوطنى لإدارة الدين العام بمهنية واحترافية وصلت إلى طرح أدوات دين بفائدة سلبية، أما فى المجالات الأخرى، فقد كان واضحا للعيان نجاح تجربة التعليم عن بعد وارتفاع القوى النسائية العاملة إلى 33% وإطلاق مبادرة مستقبل الاستثمار وزيادة نسبة المقبولين في التعليم المهني والتقني إلى 22% وفتح التراخيص للصناعات العسكرية لتوطين القطاع بنسبة 50% في عام 2030 وتحقيق المركز الأول عالميا في سرعة الإنترنت. من ارقام الرؤية: - 33% مشاركة المرأة في سوق العمل - 370 مليار ريال وفرا ماليا - خفض البطالة إلى 11% العام الحالي - المركز الأول في سرعة الإنترنت - إنتاج 3600 ميجا وات من الطاقة المتجددة - مليون منتج سكني في 5 سنوات - 369 مليار ريال إيرادات غير نفطية - 17 ألف امراة في المدن الصناعية - ارتفاع تملك المساكن إلى 60% - ارتفاع الناتج غير النفطي إلى 59% - 17مليار ريال تدفقات أجنبية مباشرة العام الماضي - 30 دقيقة لتأسيس الشركات - 10 آلاف مصنع في 36 مدينة صناعية - 1.1 تريليون ريال قيمة الاستثمارات الصناعية صندوق الاستثمارات يضخ 160 مليار العام الحالي