تتسارع وتيرة الثورات الصناعية في العالم مع بزوغ ابتكارات نوعية وكفاءات علمية فذة قادرة على توظيف التقنيات الجديدة وتطويعها في خدمة المجتمعات والمساهمة في الدفع باقتصاديات الدول إلى فضاءات أكثر اتساعًا وتنوعًا.. مرورًا بالثورة الصناعية الأولى واستخدامها للماء والبخار في تشغيل الآلات، إلى الثورة الصناعية الثانية والتي اخترعت الطاقة الكهربائية وفتحت آفاقًا جديدة، إلى الثورة الصناعية الثالثة التي وظفت الأجهزة الإلكترونية وتقنية المعلومات في سبيل أتمتة الإنتاج، وصولًا الى الثورة الصناعية الرابعة والتي تعتبر استمرارًا لسابقتها لكن بزخم مختلف وأدوات أكثر تطورًا وحداثة في تحول حقيقي لطرق التصنيع التقليدي واستخدام التقنيات الذكية لتطوير الممارسات الصناعية الحديثة، حيث تمثل هذه الثورة تغييرًا جوهريًا وهامًا في الطريقة التي نعيش ونعمل بها وكذلك طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض. كيف حصل كل هذا الحراك الصناعي والتقني في حوالى قرنين ونصف من الزمن؟ لا شك أن فضول الكائن البشري الذي لا سقف له، وجرأته على طرح التساؤلات ومحاولات الإجابة عليها، في بيئة ملهمة تشجع على البحث والتطوير والابتكار هي عوامل رئيسة في صنع ذلك التحول.. لذلك تكرس الدول المتقدمة تقنيًا وصناعيًا واقتصاديًا وعسكريًا جهودًا مضاعفة في سبيل تحسين تلك البيئة وتوفير كافة الموارد المطلوبة للحفاظ على تقدمها على باقي الدول.. فعلى سبيل المثال، نشرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD في العام 2019م إحصائية عالمية عن الإنفاق المحلي على قطاع الأبحاث والتطوير (R&D) كنسبة من إجمالي الناتج المحلي لبعض الدول، جاءت إسرائيل على رأس قائمة الدول الأكثر إنفاقًا بنسبة بلغت 4.9%، تلتها كوريا الجنوبية 4.6%، وفي المرتبة الثالثة كانت تايوان 3.5%. وفي هذا الإطار فإن الاستثمار في العلم وتطوير أدواته والبناء على ما تم إنجازه هو حجر الزاوية في مسار تقدم أي أمة تشق طريقها نحو مستقبل مشرق. على المستوى المحلي، جاء قرار مجلس الوزراء السعودي بتشكيل لجنة عليا للبحث والتطوير والابتكار برئاسة سمو ولي العهد ليواكب السباق العالمي نحو الاستثمار الأمثل في العقل البشري وبناء القدرات وإثراء ساحة البحث والابتكار، فالعلم رأس مال لا يفنى.