مازال التعليم يواجه أزمة قيادة شأنه بذلك شأن بعض المجالات الأخرى، وتتضح هذه الأزمة في التعليم بشكل خاص لعدد من الاعتبارات أهمها التدرج الوظيفي دون اعتبار للكفايات الفنية والمهارة والخبرات العلمية، وذلك على الرغم من وجود معايير لهذا التدرج إلاّ إن تلك المعايير يمكن تكييفها وتطويعها بطرق مختلفة وفق الأهواء والمصالح. واستبشر الميدان التعليمي خيراً بإعلان معالي وزير التعليم إطلاق منصة قادة المستقبل لاستقبال طلبات من يرغب بالترشح لشغل المراكز القيادية في المدارس وإدارات التعليم والوزارة محدداً معاليه تدشينها خلال أسبوعين، وكان ذلك في الرابع من نوفمبر الماضي وحتى اللحظة والمنصة المنتظرة مازالت قيد الإطلاق. وجاءت ردود فعل المعلمين والمشرفين التربويين متفائلة إلى حدٍ بعيد نتيجة هذا الإعلان، والذي سيساهم في الحد من المحسوبيات التي ترقى إلى الفساد الإداري بتعطيل استثمار الكفاءات القيادية من الميدان التربوي، حيث كان الرأي العام مؤيد لهذا الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي مبررين ذلك بأنه يقضي على المجاملات والمصالح الشخصية، وأنه يحقق أقصى معايير الشفافية والعدالة والتنافسية، كما أنه يقضي على بعض الضوابط المعمول بها حالياً التي تخضع في مجملها للعلاقات الشخصية كتزكية مديري التعليم للمساعدين. وما يلفت الانتباه أن الرأي العام يتوافق مع توجهات رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على معالجة مثل هذه الأزمات التي تحد من تطوير أداء المؤسسات الحكومية من خلال حوكمة الأداء وفق معايير عالية من الشفافية والمساءلة، والالتزام بإدارة الموارد بكفاءة واقتدار، والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية لتحقيق أعلى مستويات الشفافية والحوكمة الرشيدة في جميع القطاعات. حيث يأتي بُعد الكفاءة كأهم أبعاد الحوكمة ويقصد به القدرة على الاستثمار الأمثل للموارد المادية والبشرية، وتفعيلاً لهذا البُعد تضمنت الأهداف الاستراتيجية لبرنامج التحول الوطني عدداً من البنود لتحقيق التميز في الأداء الحكومي وحوكمة بُعد الكفاءة، ومن أهم مؤشرات تحقيقه رفع معدلات الأداء التشغيلي والوظيفي، وتمكين القيادات، واكتشاف وإعداد وتطوير القيادات الإدارية.. ومع ذلك، فمازال التعليم يعاني من إقصاء الكفاءات القيادية وتهميشها مما ولد العزوف لديهم وأصابهم بالإحباط. ما يريده المجتمع التعليمي تفعيل المنصة التي أعلن عنها معالي الوزير بلجان مركزية خاصة تحقق الحوكمة التي تضمن أعلى مستويات الشفافية والعدالة والتنافسية، مما يساهم في تمكين الأصلح والأنفع لخدمة الوطن من خلال التعليم.