من رحم المصائب تولد بعض المصالح والمنافع، ومن بين أدغال المتاعب تنبع منابع عذبة فياضة، فالمصيبة تحمل مع وجهها المكفهر ابتسامات خفية، ونظرات بريئة حالمة. التجربة الكورونية عميقة في كافة المجالات وعلى جميع الأصعدة والمستويات، كشفت بعض الكلمات والأسطر في حكاية الحياة لم يتنبه لها القارئ قبل كورونا. لم تلبث الحياة وكعادتها تعشق التغير والتلون، فلا تستقر على لون حتى تبحث عن لون آخر، هكذا كانت الحكاية الكورونية تمخضت عن العديد من المكاسب بعد أن ظن العالم أنها مدمرة مهلكة. تغيرت مع الموجات الكورونية عدد من العادات التي كانت يومًا ما من المسلمات التي لا تقبل التغيير والتعديل، ولو استهدفت تلك العادات بموجات من المحاولات لما أفلحت نتيجة التمسك غير المبرر من قبل الأفراد والمجتمعات. الذبذبات الكورونية أنشأت مجتمعًا يؤمن بالتعليم عن بعد وفوائده ومكاسبه، وإن كان يتطلب المزج بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، إلا أنه كان مما لا يطرأ نجاحه على أحد، حتى صار في قناعة الكثير ومحل الرضا. ومن مكاسب الرقابة الكورونية اهتمام المجتمعات بالنواحي الصحية على مستوى الفرد والمجتمع، والسعي وراء المعلومات الصحية والحرص على سلامة الأسر والأطفال حتى نتج عن ذلك تراجعًا في الإصابة بالانفلونزا الموسمية كما بينت ذلك بعض المواقع والتصريحات. لم تنته الحكاية الكورونية وفي جعبتها الفوائد تتلاحق، والمعارف تتسارع، والمكاسب تزدهر، وحكومتنا الرشيدة المتألقة تنجح في تقدمها بالحرص على سلامة الوطن والمواطن، كما تسعى جاهدة لخلق المزيد من الفرص والوظائف لاحتواء الشباب من فتيان وفتيات.. فكان من الأثر الإيجابي لكورونا مجتمعيًا إدراك القيمة المضافة لكل فرد من أفراد المجتمع، فالشاب يقوم على أسرته خير قيام رعاية وعناية واهتمامًا وتلبية للمطالب المادية والمعنوية.. والفتاة تقوم بدورها في الوقوف بجانب رب الأسرة وقائدها فتعينه بنجاحاتها ومثابرتها على القيام بدوره، مكونان بذلك أسرة حيوية تملؤها الرحمة والشفقة، ويسودها الحب والتآلف، فليس لطرف غنى عن الآخر، وخير نجاح قيام كل عنصر في مقامه خير قيام، ومساندة العناصر الأخرى في التكوين الأسري ليقوموا بدورهم على أكمل وجه.