أحسنَ من أطلق مسمى الأمانة على أمانات المدن السعودية باعتقاد أن هذا المسمى سيكون له كبير الأثر في زرع قيمة الأمانة بكل مضامينها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والفنية التي تجتمع في المهام المنوطة بتلك الأمانات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ويتسع لمساحة هذا الوطن الكبير: هل تم فعلاً تعزيز تلك القيمة الهامة جداً لدى القائمين على عمل تلك الأمانات؟. بالتأكيد أن الإجابة على ذلك التساؤل تستوجب الكثير من الفحص والتدقيق والتحليل كي نخرج بالإجابة الوافية الكافية، فالمؤشرات الدالة على ذلك ستفتح لنا بعض النوافذ التي ستكشف لنا بعض الأمور المتعلقة بتوفر تلك القيمة عند منسوبي الأمانات.. فعلى سبيل المثال من أبرز تلك المؤشرات التي نستطيع من خلالها اطلاق الحكم على عينة من تلك الأمانات في مدينة تعد المدينة الثانية في المملكة من حيث المساحة والسكان وهي مدينة جدة وأمانتها الموقرة.. فمدينة جدة تعد عينة ممثلة لمجتمع الأمانات في المملكة كون المهام موحدة في كافة المدن ولنبدأ أولاً بقيمة النظافة التي تعد الأهم والأبرز فنقول إن مدينة جدة تعاني من قلة النظافة في العديد من احيائها بصورة لافتة لساكنيها وللمرتادين لها فالذباب والبعوض يغزوها من كل المسارب وكذلك الحشرات والقوارض كالفئران والبورص وكذلك الأتربة التي تملأ أجواءها والتي تنبعث من شوارعها المكسرة والمحفورة، وفي المقابل نجد أن العمالة الوافدة تمارس كل ألوان الفساد البيئي كالعبث بالأغذية إما بتزوير تواريخ الصلاحية أو بيع الاغذية غير الصالحة للاستخدام الآدمي داخل المطاعم أو أوكار المستودعات. ولعل الغريب هو ما قامت به أمانة جدة الموقرة بالاستعانة ببعض المتطوعين من الشباب غير المؤهل لمهام الأمانة كي يتولوا عملية كشف المخالفات في الأحياء الشعبية تلك الأحياء التي تفتقد لأدنى متطلبات النظافة والاهتمام ليبحثوا عن هناقر ومخالفات تعد الأقل أهمية في ظل تواجد أمور أخرى تعد عالية الأهمية في منظومة مهام الأمانة وهذا بالطبع دفع بالبعض من أولئك الشباب الذي يبحث عن المكافأة واثبات الوجود لتصوير مايراه ملوثاً بصرياً في أعالي المباني في ظل تجاهل ذلك التلوث البصري الذي يسيرون عليه تحت أقدامهم.. ويقيني أن الهدف من ذلك هو جمع المال فقط لأن الأولى أن يبدأ البحث عن تلك الملوثات البصرية والصحية التي تلوث المباني والمشاة والصدور والبطون وتنقل الأمراض وتعطل المسير وتحطم المركبات على الأرض ثم الاتجاه بعد ذلك الى الأماكن العالية التي تراها الأمانة مخالفة.. والله من وراء القصد.