من أبناء حارة البحر بمدينة جدة، نشأ يتيم الأب، والدته وجدته العامودية من تكفّل بتربيته ورعايته، ظهرت لديه موهبة الكتابة في زمن مبكر، تألق فيها، ربطته صلة قُربى بالأديب الأستاذ محمد حسن عواد. سافر إلى الإسكندرية في الخمسينيات الميلادية لدراسة طب الأسنان لتحقيق حُلم والدته، لم ينقطع عن الكتابة قط، فقد كان يُرسل بكتاباتهِ إلى الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين -صديقه فيما بعد- لينشرها في مجلة الرائد وهو لا يزال يدرس في الإسكندرية، استمر على ذلك الحال حتى بعد عودته إلى جدة رغم عمله كطبيب أسنان في مستشفى باب شريف العام، ومشاغله التي لا تنتهي. تنقل بين المستشفيات الحكومية في عدة مدن حتى تأسيس عيادته الخاصة، شارك في تأسيس نادي جدة الأدبي عام 1975م، تقلد رئاسة تحرير العديد من الصحف والمجلات وله إصدارات ولقاءات ومحاضرات عدة، رُشّح لرئاسة نادي الاتحاد لفترتين وله إسهامات عديدة في الشأن العام. الدكتور عبدالله منّاع الأديب الطبيب والإنسان قبل كل ذلك تعود علاقتي به إلى أواخر الثمانينيات الميلادية فهو أستاذي وصديقي بل وأخي الأكبر، منحني الدعم والتشجيع، تعلمت منه ولا أزال، أشعرني بأني أقرب صديق له وكنت أراه كذلك، ألتقِ به على مدار الأسبوع في الصوالين الأدبية (السبتية والأحدية والاثنينية والثلوثية والربوعية والخميسية) باستثناء يوم الجمعة والذي كان يقضيه مع عائلته. شاركته مُعظم المناسبات في السفر والحضر إلاّ أنه ظل لسنوات يتجاهل كتاباتي ولم يُشِر إليها البتة بالإشادة أو النقد إلى أن وصلني خطاب توبيخ من جهة ما على مقال كُنت قد كتبته، قال لي حينها وأمام الأستاذ علي حسون: هذه شهادة ميلاد كاتب جديد وأصبح يتعامل معي على هذا الأساس. خصني في عام الكورونا 2020م بلقاء أسبوعي رغم أنه لايلتقِ أحداً بسبب الجائحة فشرُفت بذلك. كان ينوي أن يقدم برنامجاً من ثلاثين حلقة عن جدة في شهر رمضان القادم يتحدث فيها عن الإنجازات التي تمت والاتفاقيات التي وقعت والمشاريع التي نفذت والشخصيات التي ساهمت خلال خمسين عاما في الفترة مابين 1925م و 1975م، بل وزادني شرفاً أن كلفني بأعمال ومَهام تُساعد على إتمام العمل. وافق أخيراً في آخر لقاء قبل دخوله المستشفى بيوم واحد عن عمل مشترك يخص تطوير مؤلف له لم يُطبع يتحدث عن فترة التأسيس في المملكة العربية السعودية كان قد كتبه في وقتٍ سابق. اليوم وأنا أهِمُّ بكتابة هذه الكلمات وقع نظري في تقويم أم القرى على هذا القول: «اعملوا فكلٌ مُيسر لما خُلقٌ له» وكأنه أي القول يحاكي مسيرة الدكتور عبدالله منّاع الأدبية التي بدأها قبل سبعين عاماً. اليوم السبت الموافق 23 يناير 2021م تُوفي الدكتور عبدالله منّاع بعد صراع مع المرض، لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولا نقول إلا إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولانقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا على فراقك يادكتور عبدالله لمحزونون. أعظم الله أجركم آل مناع و آل أبوزنادة، وأصدقاءه ومحبيه وأحسن عزاءكم و رحم الله الدكتور عبدالله وأسكنه فسيح جناته و»إنا لله وإنا إليه راجعون».