استكمالا للحديث عن علاقة القيادة بعلم الأعصاب سأتحدث اليوم عن ما تم تلخيصه في كتاب: (الأسرار السبعة للقيادة من منظور علم الأعصاب)، حيث تحدث الكتاب عن المبدأ الأساسي للنجاح في السر الأول بأنه عليك أن تحب نفسك حتى تنجح وأن تكون متواضعًا وقابلاً للتعلم.. الإكسير العجيب في نجاح القيادات هو الحب، نعم الإدارة بالحب تحقق نتائج مبهرة، وهذا أمر قد يستغربه من يقرأ كلماتي ولكنني في حديث لي مع الأستاذة القديرة الدكتورة منيرة العكاس الخبيرة التربوية والمستشارة الأسرية والمتقاعدة من التعليم بعد سنوات عطاء طويلة تشهد لها سجلات الوطن بمنجزاتها وأثق قي حكمتها ورأيها السديد، تحدثنا عن سر الإدارة بالحب وكيف يولد طاقات عجيبة ويحقق المعجزات في بيئات العمل.. وهذا ما أكدته لي -الأستاذة رقية العلولا مستشار معالي نائب وزير التعليم الأستاذة نورة الفايز -سابقًا- وهي تهمس لي في أذني -في ختام فعالية كبرى في الحوار الوطني بينبع- بأهمية هذه المشاعر والحب المتبادل بين القائد وفريقه بعيدًا عن التسلط والتعالي وإعطاء الأوامر أو إقصاء المتميزين المبدعين ومنح الثقة لفريق العمل بعيدًا عن الشخصنة.. نعم تعلمت في مدرسة هذه القامات الوطنية الكثير من فنون القيادة الاحترافية ومازلت تلميذة في مدرستهن. الدراسات العلمية تقول: إن واحدًا من أعلى خمسة في المئة هم الذين يلهمون ويحفزون وينتجون إنتاجية عالية.. من أجل تحقيق هذا الهدف علينا أن نأخذ إكسيرنا الخاص وأن نساعد فرقنا على أن يعملوا ليصبحوا قادة أفضل في المستقبل. يلخص الكتاب بعض السمات اللازمة لقيادة المؤسسات وفرق العمل: من المهم جدًا أن يعرف القائد نفسه ويسعى لتحسين الذات، وتحليه بالبراعة التقنية والتكتيكية، وقدرتها على تطوير الإحساس بالمسؤولية واتخاذ القرارات السليمة وفي الوقت المناسب، ويكون مثالاً يحتذى به بموثوقية عالية وتيقن من الأداء الصحيح للمهام، وقوة تحمل مع التحلي بالشجاعة والالتزام بالهدوء والحزم.. وإظهار الحماس الممتليء بالحيوية، وروح المبادرة لابد أن تكون حاضرة وبقوة والإنصاف بموضوعية وبنزاهة عالية مع كثرة الاطلاع والدراية بالمعلومات المستجدة في عالم القيادة. ما أجمل أن يتحلى القادة باللباقة في التعامل مع الآخرين دون التسبب في حدوث إساءة والتحلي بالإيثار وتوفير الراحة والتقدم الشخصي دون التجني على أحد لتزداد معاني الولاء وجودة الإخلاص للمنظمة مع استقامة شخصية وتحقيق معايير النزاهة وسلامة المباديء الأخلاقية بما في ذلك صفات الصدق والأمانة. التطور الحادث في العقود الأخيرة عن الدماغ وعلوم الأعصاب تؤكد على أننا نستطيع إجراء تدريبات عقلية متطورة لإعادة توجيه دماغنا والتأثير على الأفكار والمشاعر الجديدة التي تثير لدينا سلوكًا أكثر اتساقًا مع قيمنا المنشودة.. وتسمى هذه العملية اللدونة العصبية، والتي تتعامل مع قدرة الدماغ على إعادة تنظيم نفسها من خلال خلق مسارات عصبية جديدة طوال حياتنا، من أجل العمل على حياة جديدة لنا بعد الوفاة، نعم سر الحياة الخالدة أن تترك لك أثرًا بعد مغادرتك الحياة الدنيا. هناك أسماء خلدها التاريخ لعظماء مازلنا ننهل من معين علمهم وخبرتهم الإدارية والقيادية وقد تذكرت الآن كلمة لرئيس شركة أرامكو السابق عبدالله الجمعة وهو يلقي كلمة في ختام مسيرته المهنية بأن كتاب «الأدب الصغير والأدب الكبير لابن المقفع»، كان ومازال ملازمًا له منذ مرحلة الثانوية وحتى عند توليه منصب أعظم شركة بترول في العالم وحينها قررت أن أقتني هذا الكتاب وأضعه على سطح المكتب وأرجع إليه باستمرار ففيه الكثير من الحكم القيادية.. وكتاب -حياة في الإدارة- للقائد الفذ ورجل الدولة الكبير غازي القصيبي -رحمه الله- أيضًا له مكانته العلمية والإدارية.. تجارب العظماء تلهم وتحفز وتعطيك دافعية أكبر لتكون رقمًا في تاريخ البشرية ولست زائدًا على الحياة.. القيادة ليست كرسي ولا أوامر ولا تسلط، القيادة في حياة المؤثرين الملهمين الطامحين المبدعين تلك التي تكون من قبل أناس أقوياء يقربون القوي الأمين ويستحضرون مصلحة الوطن والمنظمة التي يعملون فيها وليست مصالح وأهواء شخصية.. يرون خير الناس ولا ينكرونه، ينصفون ويعدلون ويقدرون ويحترمون من يعمل معهم.