سبحان الله .. كلما دخلتُ إلى مفردة من مفردات اللغة وجدتها تحوي طائفة من المعاني وحزمة من الأفكار، ولكم أن تتخيلوا كلمة «عصفور» عندما فتحتُ القاموس وجدتُ كنزاً كبيراً من تلك الأفكار والمعاني وإليكم بعضها: جاء في القاموس تعريف لكلمة «عصفور»: وهو اسم، وجَمْعُه عصافير. والعصفور: جنس طير من الجواثم المخروطيات المناقير. ويأتي بعدة معانٍ: العصفور يأتي بمعنى الكتاب. ويأتي بمعنى حصول الشخص على عملين بمجهود واحد حين يقال: (أصاب عصفورين بحجرٍ واحد). ويأتي بمعنى ما في اليد أحسنُ مما هو ليس في ملكك، حين يُقال: (عُصفُورٌ في اليد خير من عصافير في السماء). وحين يُصاب الإنسان بالجوع الشديد يُقال: (غَنَّت عصافير بطنه). وإذا تَكَبَّر الشخص يقال: (طارت عصافير رأسه). وحلم العصفور يقال للشيء الخفيف أو الإنسان الطائش. أما كلمة «عَصْفَرَ»: على وزن فَعَلَلَ مثل عَصْفَرَ، يُعَصْفِر، عَصْفَرَةً، فهو مُعَصْفِر.. مثلاً حين يقال عَصْفَرَ الثوب: أي صبغه بالعُصْفُر وهو نبات يُستخرج منه صبغ أصفر. وعصفر الطعام أي تَبَّلَه بزهر العُصْفُر. يقول الشاعر ابن الرومي: شمس من الحسن في مُعَصْفرةٍ.. ضاهت بلونٍ لها مُعَصْفرها... ويقصد بعصفورة الجمل: خشبة معقوفة يُثبَّت فيها الحبل المشدود على حِمْلِه. وانتفض العصفور: أي تحرك واضطرب، واهتز بسرعة محركاً جناحيه ليزيل ماعلِق بهما من غبار!. ياقوم.. هل ترون معي جمال هذه اللغة..؟!، هل اكتفيتم بما ذكرت، أم تقولون لي هل من مزيد يا أبا سفيان؟!؟. إن هذه المفردات ومعانيها التي تطرب لها المسامع لا أكتفي من الحديث والكتابة عنها، لذَلك سأروي ذائقتي وذائقة قارئاتي وقُرَّائي الكرام اللغوية بالمزيد من المعاني: انطلق العصفور: أي تحرر وصار طلقاً وانطلق من قيوده. وشقشق العصفور: مثل أن أقول: استيقظتُ على شقشقة العصافير أو زقزقة العصافير. حسناً ماذا بقي؟! بقي القول: ما أسعدني بهذه اللغة العبقرية، ثرية الألفاظ، دقيقة المعاني، التي أحياناً تختلف دلالة الكلمة واحدة من كلماتها باختلاف حركة حرف واحد من حروفها!. إنني أعشق هذه اللغة... فلا تلوموني في هواها... قلبي ما يعشق سواها..!!.