بعد (10) أعوام كاملة من الحرب؛ لا تزال القضية السورية من بين أكبر القضايا السياسية في العالم العربي تعقيدا، فنيران الحرب وتدخل القوى الإقليمية والعالمية لا يزالان يصبان الزيت على النار. وكشف المحلل السياسي، محمد سيد، المتخصص في الشأن السوري، أن القضية تتطور يوما بعد يوم، والأخبار تتهاوى من حين لآخر على أسماع السوريين المغلوبين على أمرهم، والذين لايزالون يؤمنون بمستقبل ديمقراطي ونور في نهاية النفق، بعيدا عن الدكتاتورية التي مارستها ولا تزال تمارسها السلطة وعلى رأسها الأسد. وأضاف أن الأيام الأخيرة كشفت عن دور جديد تلعبه أسماء الأسد، زوجة الرئيس بشار الأسد، وأبرزت أنها من بين الشخصيات الرائدة في هذا الصراع المستمر على السلطة، فالمرأة التي وصفت حتى عقد من الزمان بأنها "زهرة الصحراء" هي شخص عدواني لا يرحم ولا يتردد في القضاء على أي شيء وأي شخص يقف في طريق جهودها لإعادة تشكيل النخبة السورية. ولفت الخبير في الشأن السوري إلى أن عهد الأسد اعتمد سابقا على خلق التوازنات، بين روسيا وإيران، إذ تتدخل القوتان الدوليتان في شؤون سوريا، وما بين العلويين وهي الأقلية الشيعية التي حكمت البلاد وما بين السنة الذين يشكلون غالبية السكان، وما بين عائلة الأسد التي تحكم سوريا وعائلة مخلوف التي تمول الأولى. وقال: "لو عدنا قليلا إلى الماضي، نجد أن أسماء الأسد أصبحت نجمة منذ اللحظة التي سُلط فيها الضوء عليها لأول مرة وكانت تظهر على أغلفة المجلات، وقد تم تقديمها كرمز إنساني". وتابع أنه من اندلاع الحرب التي لم تخمد نيرانها في سوريا منذ عام 2011 وتغيرت صورة بشار الدولية بين عشية وضحاها إلى صورة طاغية متعطش للدماء يذبح شعبه ويُنظر إلى زوجته الآن على أنها منفصلة تماماً عن الواقع مشغولة بإنفاق المال وشعبها يقتل. وبين في تصريحات صحفية أن الفوضى المستمرة في سوريا حاليا الجبهات لأسماء علاقة بها بشكل رئيس، فمنذ توفيت والدة الرئيس السوري، في فبراير 2016 استحوذت السيدة على النفوذ النسائي بشكل كامل. ولفت إلى أن محمد شقيق أنيسة مخلوف والدة الرئيس بشار، نجح في بناء إمبراطورية تجارية في سوريا وتولى ابنه الأكبر رامي ابن خال بشار منصب رئيس الشركة العائلية في سوريا حيث تقدر ثروته الشخصية بنحو 6 مليارات دولار. ولسنوات كان رامي مخلوف من المقربين وشريك بشار الأسد وكان يُعتبر "وزير المالية الحقيقي" في سوريا. وبسبب هذه العلاقة كان رامي مخلوف على رأس قائمة الأفراد الذين فرضت عليهم الحكومة الأمريكية عقوبات عندما بدأت الحرب في سوريا. وانتقل سيد إلى التدخل الروسي في سوريا مؤكدا أنه سيف ذو حدين، فمنذ دخول جيشها البلاد إذ تعمل روسيا على جبهتين: تقويض بشار الأسد، لأنه مرتبط بإيران وتقليل قبضة مخلوف على المواقع الرئيسية. وأشار إلى أنه عقب نشوب الخلافات بين مخلوف والأسد جرى اعتقال موظفي الأول واضطر هو نفسه إلى الاختفاء، وكان لأسماء الأسد دور في ذلك أيضا، حيث عملت منذ انفرادها بالنفوذ عقب وفاة والدة الأسد على إبعاد مخلوف وعائلته عن القصر. وقال إن أسماء الأسد تعمل حاليا على تعزيز مكانتها وخلق إستراتيجية طويلة الأمد وبدت هذه الإستراتيجية أوضح في مقابلة أجرتها العام الماضي عندما ذكرت فيها أن ابنها الأكبر حافظ البالغ من العمر 19 عاماً مهتم جداً بالسياسة، حيث تخطط لأن يكون هو الوريث الوحيد لعرش بشار الاسد.