يعاتب الرئيس الفرنسي ماكرون أو يعاير المجتمع الدولي لأن ردة فعله على أزمة الرسوم المسيئة للرسول والهجمة الإرهابية التي أعقبتها كان «خجولا نسبياً»! والواقع أن المجتمع الدولي كله كان خجولا بالفعل من كل التصرفات الحمقاء التي شهدتها فرنسا.. الرسم الأحمق وإعادة النشر الحمقاء والجريمة الإرهابية النكراء! هذه واحدة، والأخرى أن تأكيده على أن بلاده «لن تغير» من حقها في حرية التعبير، «لأنه يُثير صدمة في الخارج» فقط، هو حق يراد به باطل، أنت حر فيما تقرره لبلادك، ثم إن فرنسا هي بلد الحرية من قبلك ومن بعدك، لكن عبارة «لأنه يثير صدمة في الخارج» تحتاج مراجعة! ذلك أن «الخارج فقط» هو قارات العالم.. أوروبا وعدد المسلمين فيها بالملايين، وآسيا وأفريقيا بملايين الملايين، وكلهم سيكون رد فعلهم عند تجديد الإساءة للرسول كاويًا وليس خجولا كما تقول! يقول ماكرون أيضًا «منذ خمس سنوات، عندما قتلوا مَن كانوا يرسمون الكاريكاتير (في صحيفة شارلي إيبدو)، سار العالم بأسره في باريس ودافع عن هذه الحقوق».. وهذا أيضًا صحيح فقد جاءوا للتعبير عن الوقوف ضد الإرهاب وليس لتأييد الإساءة للرسول، فهل من آداب اللياقة أن يكون الرد بإعادة نشر الرسوم؟ يقول الرئيس «الآن، لدينا مدرس مذبوح، وعديد من الأشخاص المذبوحين؛ لكن الكثير من رسائل التعزية كانت خجولة» وهنا لن نرد بأن لدينا ملايين المذبوحين معنويًا من صدمة الإساءة للنبي الكريم، أو نحو ذلك مما يقوله المتطرفين عن ملايين المذبوحين جسديًا في مناطق الصراع التي تشترك فيها فرنسا، أبدًا لا نعوم على هذه الموجة، لكن عبارة «رسائل التعزية كانت خجولة» هي التي تستحق الرد، ذلك أنها لم تكن فقط خجولة، بل اضطرارية، بحكم أن المعزين كانوا أمام أمرين بل جريمتين.. الإساءة لسيد البشر، وقتل المدرس المغدور! ثم يقول ماكرون «لدينا مسؤولون سياسيون ودينيون من جزء من العالم الإسلامي، قالوا بشكل منظم: (عليهم تغيير هذا الحق).. هذا الأمر يصدمني أنا.. مع احترام الثقافات والحضارات؛ لن أغير حقي لأنه يثير صدمة في الخارج».. والرد البسيط أنه يصدمك وحدك.. وأنت أيها الرئيس لا تعيش وحدك.. بل إن بلادك لا تعيش وحدها و»الخارج فقط» الذي تتحدث عنه، هو من حولك من بلاد ومن حضارات ومن أديان! أخيرًا يقول ماكرون «إن الكراهية مستبعدة من قيمنا الأوروبية، ولأن كرامة الإنسان تعلو على كل شيء، يمكنني أن أخلف صدمة لديك؛ لأن بإمكانك أن تخلف صدمة لدي في المقابل.. يمكننا أن نتناقش في الموضوع وأن نتخاصم حوله؛ لأننا لن نصل إلى اشتباك فعلي؛ لأن ذلك محظور، ولأن كرامة الإنسان تعلو كل شيء».. وهنا لن نقول إن الرئيس يناقض نفسه! بل سنؤكد له أن علماءنا الذين استنكروا مقتل المدرس صمويل سيكونون في مقدمة المتحاورين معكم، وتنوريكم بسماحة الإسلام ونبي الإسلام ورحمته بالإنسان وبالحجر وبالحيوان. أما فيما يتعلق بقولك «دعونا لا نحبس أنفسنا في معسكر الذين لا يحترمون الفروقات فهذا شأنك مثله مثل قولك: إن نضال جيلنا في أوروبا هو النضال من أجل الدفاع عن حرياتنا لأنها تتعرض لهزة».. لن نقول لك: وماذا عن حريات واختيارات الآخرين، وعن بلدان الآخرين التي تعرضت لازالة وليس لهزة؟!