هنا في البلد الأمين مكةالمكرمة، والتي هي قطعة من الأرض هي للسماء.. مكة التي ملكت القلوب وسلبت الأفئدة إجلالًا ومهابة فهي بحق الطهر والنقاء. ابن بطوطة في رحلته الشهيرة إلى مكة يصور هذا البلد الأمين فيقول: «ومن عجائب صنع الله أنه طبع القلوب على النزوع إلى هذه المشاهد المنيفة والشوق إلى المثول بمعاهدها الشريفة، وجعل حبها متمكنًا في القلوب، فلا يحلها أحد إلا أخذت بمجامع قلبه، ولا يفارقها إلا أسفًا لفراقها متولهًا لبعاده عنها، شديد الحنين إليها ناويًا لتكرار الوفادة إليها.. فأرضها المباركة نصب الأعين ومحبتها حشو القلوب.. حكمة من الله بالغة.. وتصديقًا لدعوة خليله عليه السلام». هنا ولد الحبيب صلى الله عليه وسلم.. هنا تربى المصطفى رباه ربه وملأ قلبه حباً وفطرة.. هنا في المكان الذي أحب والأرض التي عشق، هنا بجوار بيت الله الحرام، وغار حراء.. عليك صلوات الله وسلامه يا خير خلق الله، عليك صلوات الله وسلامه يا من أنقذ الله بك نفوساً من غيها وضلالتها.. عليك صلوات الله وسلامه يا من أرسله الله هادياً ومبشراً وسراجاً منيراً.. عليك صلوات الله وسلامه يا من اصطفاك المولى لتكون خاتماً للأنبياء ورحمة للعالمين.. عليك صلوات الله وسلامه يا من قال: أمتي، أمتي، يا شفيعنا وحبيبنا ونور أفئدتنا.. خاطبت بني قومك صلى الله عليك وسلم في عام الفتح: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟، فكان جوابهم؛ أخ كريم وابن أخ كريم، وجاء الصفح من نفسك الزكية التي رباها المولى عز وجل وملأها حباً وزكاها، فهتف في أسماعهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، عليك صلوات الله وسلامه ياخير خلق الله.. حسان بن ثابت في مدحه لسيد البشر يقول : وأحسن منك لم ترَ قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء خلقت مبرَّأ من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء رسالة: يطرق الفرح أبوابنا دون استئذان، حاملًا بين يديه مواعيد جديدة للفرح لا تحتمل التأجيل، ولا الغياب أبدًا، فرح غَزَلَ لنا أفراحه فوق خطوط الفجر التي تتسلل إلى منافذ بيوتنا كل صباح، ليضع مكعبات السكر في كوب القهوة الساخن، وفوق سطور نشرات الأخبار الصباحية، ويُغلِّف أمانينا في يومنا الجديد الذي نتمناه دائمًا أحلى من مكعب السكر، ليسمح لمزيد من الفرح أن يمتد إلى جميع الزوايا، فتصبح التوقعات أجمل بكثير، والرهان على حدوث الأجمل كان مخيبًا لكل من توقَّع الأسوأ، والغد المُخطَّط له بعناية هو المستقبل الأروع والأجمل، والذي ينمو بهدوء في رحم المستحيل، حتى يشتد قواه ويغدو يافعًا.