على الرغم من الجهود التنظيمية لوزارة الإعلام، من أجل ضبط الأداء في ظل التحديات الراهنة، إلا أن أوجاع الوسط الإعلامي تفاقمت في الفترة الأخيرة بسبب فوضى وسائل التواصل الاجتماعي والمشاهير والنشر غير المنضبط لبعض المواقع الاخبارية طمعا في الانتشار السريع، دون النظر إلى ما قد ينتج عن ذلك من أضرار اجتماعية واقتصادية وثقافية بالنسبة للمجتمع، وازداد الأمر صعوبة بخروج مواقع إخبارية غير مرخصة بأسماء أشخاص أو قبائل أو اسر جل ما ينشر فيها منقول حرفيا من الصحف والقنوات الرسمية، كما أصبح بإمكان أي شخص يملك هاتفاً ذكياً وحساباً في منصات التواصل الاجتماعي انتحال مسمى ( إعلامي) لمجرد أنه نقل خبراً سريعاً، يأتي ذلك فيما أكدت وزارة الإعلام على جهودها في ضبط الصحافة الاليكترونية، مشددة على أن عدم الترخيص لا يعفي من المساءلة. البلادي: وسائل التواصل وراء فوضى الإعلام قال الكاتب محمد بتاع البلادي: الساحة الإعلامية تشهد منذ فترة نوعاً من الفوضى على مستوى الألقاب والمهام والصلاحيات خصوصا بعد انتشار وسائل التواصل واعتبار البعض لها نوع من وسائل الإعلام الحديث، مشيرا أنه أصبح بإمكان أي شخص يملك هاتفاً ذكياً وحساباً في منصات التواصل الاجتماعي انتحال مسمى ( إعلامي) لمجرد أنه نقل خبراً سريعاً، أو علّق على حادثة ما، والعجيب أنه هؤلاء الأدعياء قد يجدون طابوراً طويلاً من المعجبين والمتابعين الذين يستهويهم ذلك السيل المتدفق من الصور والأخبار التي لا تلتزم في الغالب بأي ضوابط مهنية، ولا أخلاقية في بعض الأحيان ودعا إلى تحرير مصطلح إعلامي بعد أن بات مستباحاً للجميع ؛ ولم يعد قصراً على من يمارسون العمل بطريقةٍ احترافية منظمة، مبنية على خبرة، لافتا إلى اتفاقه مع كثير مما جاء في البيان الاخير لهيئة الصحفيين السعوديين، ودعا الهيئة إلى ضرورة ايقاف منح بطاقات عضويتها إلا لمن تنطبق عليهم الشروط المهنية الدقيقة، و أن تساهم وبقية الهيئات الإعلامية الأخرى في حماية المهنة ومصطلحاتها ومنسوبيها الذين تضرروا كثيراً من خطر المنتحلين والمزيفين. السحيمي: ملاحقة المزورين والدخلاء على المهنة اعرب الكاتب والمستشار عبدالله السحيمي عن اسفه الشديد لكثرة الدخلاء على المشهد الإعلامى، مشيرا أنه مع انتشار وسائل التواصل أصبح لقب إعلامي حق مشروع عند من أنشأ موقعاً أو صور مشهداً أو التقط حادثاً، وتجاوز الأمر إلى أن البعض يدعي الصفة الإعلامية ويجد من يصفق له مما أوقع الكثير من الإعلاميين أصحاب المهنة في حرج. واضاف: أن وزارة الإعلام وهيئة الصحفيين أحسنت صنعاً في متابعة وملاحقة بعض الأسماء التي تدعي لقباً ليس لها موضحا أن من أبرز الصفات المهنية الغائبة عن مثل هؤلاء الممارسة والتأهيل العلمي و المهارات الإعلامية وضوابط وشروط العمل، واشار إلى أن الحصول على لقب إعلامي مشروع عمر وتعب و ركض في هذا الميدان الذي يمثل أهمية بالغة، موضحا أن وجود صحف تحمل مسمى القبيلة أو العائلة لايخدم المجتمع ولا المهنة لصعوبة اخترالها في هذا النطاق الضيق. منى: مدعو الإعلام يبحثون عن الشهرة والمال قالت الكاتبة الدكتورة منى المالكي: أن الانتحال بات سمة العصر، معربة عن اسفها الشديد لانتشار الشعبوية وسقوط النخب، وهو ماجعل مدعى الإعلام يرى أن باستطاعته تجاوز القيم والمكانة والخبرة للوصول إلى مكان لا يفقه أبجديات التعامل معه حتى لو كانت الوسيلة لغة مهلهلة أو موقف سيء أو حتى إدعاء سخيف لتبدأ فيما بعد الخطوة التالية وهي الدعاية لجلب المال واوضحت أن الانفتاح على العالم و استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ينبغى أن يكون لخدمة أهدافنا القيمية العليا، وليس لبث العنصرية أو نماذج سيئة لا تعبر عن حقيقتنا موضحة أن الشباب نسبة كبيرة في مجتمعنا و الأولى أن نحضرهم لقيادة بلادنا عما قريب ولذلك وجب التنبيه ألا نقع في أخطاء المرحلة السابقة عندما كان الشريط الإسلامي أداة لتفريق المجتمع، والا يكون ذلك هذه المرة من خلال السناب وتويتر. حجب الصحف الداعية للعنصرية والتعصب تحدث مدير مكتب جريدة الرياض بمحافظة شقرا علي بن محمد العطاس عن دور وزارة الإعلام في حجب الصحف الاليكترونية التى تسعى إلى تأصيل العنصرية والتعصب القبلي أو المناطقي مشيرا انها سعت قبل أكثر من عام ونيف إلى تغيير هذا الوضع لكن لم يتم استكمال هذا المشروع المهم، ودعا إلى التصدي ايضا لمنتحلي مسمى إعلامي من المشهورين والمشاهير وغيرهم ممن يدور حول الحمى وهم بعيدين كل البعد عن مجال الإعلام والصحافة والكتابة، واشار إلى انه لعدم استكمال تنظيم وضع المنتديات والصحف الاليكترونية قد تحال القضايا الإعلامية إلى النيابة العبدلي: فوضى الإعلام تعرقل محاربة الفساد انتقدت الكاتبة في صحيفة الوطن منى العبدلي صمت وغياب الجهات المعنية عن محاسبة منتحلي مهنة الإعلام مشيرة أن الوضع الراهن يعرقل الحفاظ على مكتسبات الوطن ومحاربة الفساد، وقالت: الإعلام رسالة تتسم بالأمانة والمصداقية، وقد تطفل عليها دخلاء وأطلقوا على أنفسهم لقب « إعلاميين، وليس لديهم دراية أو معرفة وإلمام بها، متخذين من الصحف الإلكترونية التي لا تحمل تراخيص وسيلة لنشر ممارساتهم الخاطئة والمسيئة لهذه المهنة، واستغربت ما ينشره بعض من يطلقون على أنفسهم مشهورين في السناب وغيرة من مواقع التواصل الاجتماعي، رغم انها جميعها لا تنتسب للإعلام بأي صلة لانها ممارسات يومية، لا يستفيد منها المجتمع، بقدر ما تساعد على التفرقة والعنصرية المقيتة والبحث عن الوجاهة الاجتماعية، ودعت إلى أنظمة وقوانين صارمة تطبق على منتحلي مهنة « الإعلام « ومحاسبتهم، للحد من هذه الظاهرة، والتي بكل تأكيد سيعاني منها الوطن ومكتسباته، وتعيق محاربة الفساد بجميع أشكاله. الصويان: جهات حكومية تجري وراء السنابيين وصحف المناطق اعرب عبد الهادي الصويان الصحفي بصحيفة « عكاظ « عن اسفه لتوثيق بعض الجهات الحكومية علاقتها مع الصحف التي تحمل أسماء مناطق ومدن من خلال تزوديها بتقاريرها الإخبارية وبياناتها الصحفية، فضلاً عن تقديم الدعوات لها لتغطية مناسباتها، واستغرب أن يكون جل الأخبار في الملفات الصحفية من صحف بأسماء مناطق ومحافظات، داعيا وزارة الإعلام إلى أن تواصل دورها المناط بها في رقابة هذه الصحف، وعرج الصويان لظاهرة أخرى تفشت بشكل كبير في الوسط الإعلامي تتمثل في اندثار أعداد هائلة من الحسابات على منصة «تويتر» وتحولها الي قنوات إخبارية تحمل أسماء مدن ومحافظات، تعتمد عليها بعض الجهات الحكومية في نشر تقاريرها وأعرب عن أسفه لان الكثير من الجهات الحكومية تدعو أصحاب السنابات لتغطية مناسبتها وقد تدفع لبعضهم مبالغ، سعيا في انتشار أوسع،رغم وجود حسابات لهم على « السناب شات » وزارة الإعلام: عدم الترخيص لا يعفي الصحف الإلكترونية من المساءلة ترويج معلومات غير دقيقة عبر «المؤثرين» يؤدي لأزمات «الصحفيين» تحذر مشاهير مواقع التواصل من انتحال صفة إعلامي أكدت «هيئة الصحفيين السعوديين» اتخاذها عدداً من الإجراءات الهادفة لضبط الممارسة الإعلامية وحماية المهنة من «الذين ينتحلون صفة إعلامي».وأوضحت أنها خاطبت جهات الاختصاص، وبحثت آليات محاسبة «من يسيء لمهنة الإعلام ويخالف النظم والضوابط» التي تنظم الممارسة الإعلامية. وبيّنت أنها اتخذت هذه الإجراءات عقب متابعتها لبعض الممارسات الخاطئة التي يقوم بها بعض من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، وانتحالهم صفة إعلامي بهدف تحقيق مكاسب مالية. قال المتحدث الرسمي لوزارة الإعلام الدكتور عبدالله المغلوث أن الوزارة تبذل جهود ا حثيثة لتطوير العمل الإعلامي بكافة وسائله وأشكاله مشيرا أن عدم الترخيص لا يعفي الصحف الإلكترونية من المساءلة. وأشار المغلوث إلى انه فيما يتعلق بالصحافة الإلكترونية، عملت وكالة الإعلام الداخلي منذ صدور الأمر السامي بإضافة نشاط النشر الإلكتروني لنظام المطبوعات والنشر على اعتماد اللائحة التنفيذية لتنظيم مزاولة نشاط النشر الإلكتروني وتحديثها باستمرار بهدف مواكبة التطورات وسرعة المتغيرات في الإعلام الجديد، وأشار إلى أن اللوائح نصت على أن من لم يتقدم للحصول على ترخيص لنشاط الصحافة الإلكترونية فان ذلك لا يعفيه من المساءلة حيال أي مخالفه إعلاميه يرتكبها، مع التوجيه المستمر لها بأهمية التقدم للحصول على الترخيص والمساهمة في تسهيل كافة العقبات التي قد تواجههم، وقد سعت الإدارة المختصة بفتح أبوابها بالتعاون مع الجامعات السعودية لاستقبال وتدريب طلبتها بهدف التطوير والمساهمة في إبراز الكوادر الوطنية الإعلامية، وفيما يتعلق بتسمية الصحف بأسماء قبائل أو أشخاص فلا يزال العمل جاري على التنظيم مع الجهات ذات العلاقة وفق التوجيهات الصادرة مؤخرا وما تتطلبه المصلحة العليا. سلطت ندوة جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عن الإعلام وازمة كورونا مؤخرا الضوء على التحديات الإعلامية الراهنة بمشاركة الدكتور محمد الحيزان المتخصص في الإعلام والاتصال والدكتور عبيد الشقصي الرئيس التنفيذي لمركز التدريب الإعلامي بسلطنة عمان، والدكتور أحمد عجينة مستشار التسويق والعلاقات العامة بمجلس الصحة لدول مجلس التعاون. وقال الحيزان: الإعلام ليس إلا أداة من أدوات إدارة الأزمات، ولعله من أهمها؛ حيث يتيح التواصل المباشر مع الجمهور لإيصال رسائل التوعية، وتبيين المستجدات ومع أزمة مثل «كورونا» فإن الإعلام في أبسط مهامه يعكس الجهود التي تبذلها كل القطاعات ذات العلاقة في مواجهة الأزمة.وعن الصراع الإعلامي القائم بين منصات التواصل الاجتماعي ومَن يسموْن بالمشاهير أو المؤثرين والجهات الإعلامية الرسمية قال «الحيزان»: الجهد الاتصالي الجماعي الذي أحدثته وسائل الاتصال الحديثة وإمكانياتها؛ لا تتيح للجميع تصدّر المشهد، ولا تنفي أن المرحلة بكثافة تقنيات الاتصال ومنصاته، صَنَعت أسماء وأوجدت نوافذ لنقل المعلومات والأخبار؛ ولكن يبقى هؤلاء (اتصاليون) لا نصادر جهودهم ولا نتبناها؛ إلا أن التنافسية المتسارعة ستنتج أشكالًا وقوالب إعلامية مختلفة عن السائد، ويبقى الأهم هو الالتزام بالقيم الإعلامية والأمانة والصدق والاعتماد على المصادر الموثوقة. وتَطَرّق «الشقصي» لموجة إعلام منصات التواصل، الذي تأثر بحضور الدخلاء على مهنة الإعلام وقال: أن الأزمات ليست مجالًا للباحثين عن الشهرة؛ لأن ترويج المعلومات غير الدقيقة ممن أسميهم (المؤثرين) عبر مواقع التواصل، يصنع الأزمات ويزيد من حدتها، وعلى هؤلاء الالتزام بالمصداقية وتحري الدقة؛ ولهذا يجب على الإعلام التقليدي الرصين أن يواكب التطور التقني.