احتدم الصراع على مدار الأيام القليلة الماضية داخل حكومة طرابلس التي يسيطر عليها فائز السراج، إذ طفت على السطح تصريحات فضح من خلالها "إخوان ليبيا" بعضهم البعض وتراشقوا التهم بالتستر على الفساد وسوء استخدام السلطة. ومن أحدث هذه الصراعات، مهاجمة عبد الرحمن السويحلي، الرئيس السابق لما يسمى "مجلس الدولة الاستشاري"، سلفه خالد المشري ورئيس ديوان المحاسبة في طرابلس خالد شكشك، على خلفية عرقلة الأخيرين مراجعة دولية للمصروفات ولحسابات مصرف ليبيا المركزي، التي أعلنت عنها الأممالمتحدة في سبتمبر 2018. وجاء هجوم السويحلي على المشري وشكشك، عقب رسالة بعثها المشري إلى بعثة الأممالمتحدة في ليبيا، يؤيد فيها طلب شكشك من البعثة عدم إجراء تدقيق للحسابات، وهو ما اعتبره السويحلي "تواطئا" بين المشري وشكشك لعرقلة الرقابة الدولية على المصروفات. وقال السويحلي في تصريحات نقلتها وسائل إعلام ليبية محلية: "فساد أجهزة الرقابة وانتقائيتها أدّى إلى طلب المراجعة الخارجية المستقلة لتعاملات المصرف المركزي"، مضيفًا: إن شكشك يطالب بالإشراف على عملية التدقيق بسبب تورط الديوان في الفساد والتزوير الذي ستكشفه المراجعة الدولية، التي تخطط لها الأممالمتحدة منذ أكثر من عام. أزمة شرعية من جانبها، اتهمت ستيفياني ويليامز، رئيسة بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا (بالإنابة)، ديوان المحاسبة الليبي الذي يرأسه شكشك، بإعاقة عملية المراجعة الدولية لمصروفات مصرف ليبيا المركزي، وقالت: "إنهم (ديوان المحاسبة) يعرقلون عملية هدفها تعزيز الشفافية والمساءلة"، وأضافت ويليامز في تصريحات لها مؤخرًا: "هذه العملية ستمكن ديوان المحاسبة من استعادة مكانه الصحيح"، مضيفة: إن "هناك أزمة حول الشرعية وأزمة على السلطة والوصول إلى الموارد"، وكان السراج قد أشار في كلمته المتلفزة الأخيرة، إلى ما يقوم به ديوان المحاسبة من عرقلة لجهود الأممالمتحدة في الرقابة على نفقات مصرف ليبيا المركزي، لكنه قال في الوقت نفسه إنه "يتفهمها لدواع قانونية"، في مؤشر على تواطئه هو أيضًا في التستر على الفساد في هذه المؤسسة. صفقة مشبوهة وفي هذه الأثناء، تفجر خلاف جديد بين السراج ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير إذا اتهم السراج الكبير، بأنه المسؤول الأول عن تأخير تسليم الرواتب للموظفين والإفراج عن مخصصات الطوارئ لمواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا في البلاد، وبدوره قال السراج في تصريحات نقلتها وسائل إعلام ليبية محلية: إن مصرف ليبيا المركزي "يتحدث في كل شيء إلا اختصاصاته"، مشيرًا إلى أن العلاقات بين وزارة المالية في حكومته والمصرف المركزي وصلت إلى "طريق مسدود". واحتدمت الأزمة بين السراج والكبير في وقت تتزايد الدعوات للتحقيق في قضايا فساد تواطأ فيها مصرف ليبيا المركزي، من بينها خروج أموال من المصرف، إلى جهات أجنبية خارج البلاد، وكان آخرها ما تكشف قبل نحو شهرين عن ضخ مصرف ليبيا المركزي نحو 4 مليارات دولار بشكل وديعة بعائد صفري من الفوائد في المصرف المركزي التركي، الأمر الذي وصفه ليبيون ب"الصفقة المشبوهة".