دائماً ما نسعى لتحقيق التوازن بين متطلبات العمل والحياة الشخصية والتي غالباً ما تنتهي بشعور التقصير بين الجانبين وقد يخلق معه صراع التوتر والضغوط النفسية الناتجة عن الرغبة الملحة بالسعي للوصول للكمال وإيجاد الحدود الصارمة للفصل بين العمل والحياة الشخصية، في البداية لابد أن نستوعب مفهوماً أطلق عليه علماء النفس «الانتقال في الدور الإدراكي» وهو عندما تكون منسجماً في أداء دور معين وتراودك بنفس اللحظة أفكار ومشاعر ذات صلة بدور آخر فإنك في هذه اللحظة تمر بعملية انتقال في الدور الإدراكي ولو كان هذا عابراً فإنه سيشكل لك مصدراً يستنزف جهدك ويقلل من تركيزك لأداء الدور الذي تقوم به باللحظة، وباعتبار الجانب المهني لديه الجزء الأكبر من الوقت اليومي والحصة الكبرى من التفكير والاهتمام لارتباطه بتحقيق الأهداف الشخصية والطموحات المستقبلية إذاً فهو خط ممتد يصب في مصلحة الجانب الشخصي الآخر وأدواره الأسرية والاجتماعية ولا يستقيم هذا الخط لتحقيق الأهداف العامة إلا بالموازنة المعتدلة في الانتقال بين الأدوار اليومية التي بها لا بغيرها يصل المرء لأهدافه ويحيا حياة ذات معنى، وقد لا يكون وضع الحدود الصارمة للمهمات المهنية والشخصية حلاً مجدياً لخلق التوازن المعتدل بل سيضعك في دائرة الضغوط والاحتراق وحالة عدم الرضا والشعور بالتقصير، فتحديد الأولويات وتصنيفها من الأهم للمهم بالتنظيم والترتيب والالتزام بالوقت وتقديره والاهتمام بقيمته والحرص على التفويض الذي يخدم الطرفين هو الحل الأنسب لتقليل الجهد في السير بحياتك والتنقل بين أدوراها المهنية والشخصية بنجاح، فلا نستطيع صناعة الوقت ولا زيادته ولكن يمكننا ترتيبه وتنظيمه واحترامه والاهتمام به وبقيمته في التخلي عن النشاطات التي تستهلك الجهد بلا فائدة أو لا تكون ذات أولوية في حينها، وعدم السماح بتداخل جانب على جانب آخر للحفاظ على الرضا بين الجانب المهني والوفاء للاحتياجات الشخصية خارج حدود العمل لأننا بالتأكيد سننجز نصف المعركة فقط بالتنظيم والترتيب وبالتالي التفوق والتميز بدلا من السعي نحو تحقيق الكمال الذي سيتحول بالنهاية إلى مصدراً رئيسياً للضغوط والاحتراق الداخلي.