«سينهض من صميم اليأس جيلٌ مُريد البأس جبار عنيدُ» قالها الجواهري قبل نصف قرن من الزمن وكان يعلم بأن بغداد ولاّدة للأحرار، وسيأتي اليوم الذي سينهض فيه جيل يؤمن بوطنه وبمقدراته. لقد نفد صبر الشعبين اللبناني والعراقي على التورط الفارسي في بلدانهم، ونهب خيراتهم.. لم يكن الجوع وحده مُحركًا لهذه الثورات إنما كرامتهم وأرضهم المسلوبة من الفرس، وانتفض العرب على حلم الإمبراطورية الفارسية التي كان يحلم بقيادتها مرشدهم الأعلى. كتب المتظاهرون العراقيون لافتة وبطريقة ساخرة ولاذعة كانت الأبرز في احتجاجاتهم وهي التبشير بموت الطائفية يقول نص اللافتة: «(كل نفس ذائقة الموت) انتقلت الطائفية عن عمر 16سنة.. وسيقام مجلس العزاء في ساحة التحرير». نحن اليوم أمام جيل عربي يصعب إدخاله في متاهات الطائفية والحرب الأهلية التي أخذت من عمرِ أوطانهم، إن ما يشهده لبنان والعراق، أثبت أن اللعب على الوتر الطائفي قد انتهى زمانه وأصبح من الماضي الذي يُعتبر منه في كتب التّاريخ، لقد عانى الآباء والأجداد من ويلات الحروب الأهلية في هذين البلدين، والتي لم يجنيِ ثمارها إلا أدعياء الطائفية المقيتة. ولقد قرأ الأحفاد التاريخ جيدًا وتعلموا من دروس آبائهم أن الوطن للجميع، وأن الطائفية مقبرة الأوطان وشرٌ على البلاد والعباد وأن لا رمادية في حب الوطن والدفاع عنه.. ولم يدخل المحتل الإيراني للوطن العربي إلا بالعزف على الوتر الطائفي الذي ثار عليه أبناء الجيل من كل الطوائف والذين لا يؤمنون إلا بوطن عربي الهوى والأهواء مِلك للجميع. إن الصحوة العربية جاءت بعد أن اختنق العرب من الفرس وبعد أن عاثوا في مقدرات لبنان والعراق، آن الأوان للتخلص من هذا السرطان الفارسي الذي نخر الدولة لصالح مشروعه الوهمي. إن العداء الفارسي للعرب هو عداء تاريخي قديم ومتجذر، ونظرتهم للعرب نظرة احتقار وازدراء ونتمنى ألا تكون الذاكرة العربية ذاكرة مثقوبة تجاه تاريخهم.