واصل المتظاهرون في لبنان قطع الطرق أمس، لليوم الثاني عشر على التوالي، عبر تعزيز العوائق وركن السيارات وسط طرق رئيسية في البلاد احتجاجاً على الوضع المعيشي والفساد المستشري مطالبين برحيل الطبقة السياسية. ورغم النداءات التي وجهها مسؤولون سياسيون لفتح الطرق، إلا أن المحتجّين يعمدون إلى إبقائها مقطوعةً، لاسيما الطريق السريع الرئيسي الذي يربط الشمال بالجنوب، وذلك لممارسة أقصى ضغط ممكن على السلطة السياسية.وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي منشور يدعو المواطنين إلى اعتماد أسلوب جديد لقطع الطرق وهو ركن السيارات في وسط الطرقات، تحت شعار «اثنين السيارات».وصباح أمس، كانت طرق رئيسية مقطوعة جراء توقف مئات السيارات أو جلوس مجموعات من المحتجين أرضاً. وقال علي (21 عاماً) الذي كان بين مجموعة متظاهرين يقطعون جسراً رئيسياً في العاصمة (جسر الرينغ)، «إذا لم تشعر السلطة الحاكمة الفاسدة أن البلد مشلول فلن نتمكن من التأثير عليهم... وتحقيق مطالبنا». وكان يُتوقع أن تقوم قوات الأمن اللبنانية بمحاولة جديدة لفتح الطرق في وقت تشهد البلاد شللاً كاملاً يشمل إغلاق المدارس والجامعات والمصارف، منذ أكثر من عشرة أيام. وحاول الجيش وقوات الأمن في الأيام الأخيرة فتح عدد من الطرق المغلقة في مناطق مختلفة في البلاد، غير أن المتظاهرين قاوموا كل الجهود. وشكّل عشرات آلاف اللبنانيين الأحد سلسلة بشرية تمتدّ من شمال البلاد إلى جنوبها على مسافة تبلغ 170 كيلومتراً، في خطوة ترمز إلى الوحدة الوطنية التي تكرست خلال التظاهرات العابرة للطوائف والمناطق. واندلعت شرارة الاحتجاجات الاجتماعية غير المسبوقة منذ سنوات في 17 تشرين الأول / أكتوبر، بعد إقرار الحكومة ضريبة على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت. ورغم سحب الحكومة قرارها على وقع غضب الشارع، لم تتوقف حركة الاحتجاجات ضد كافة مكونات الطبقة السياسية التي يعتبرها المحتجّون غير كفؤة وفاسدة في بلد لم تتمكن فيه الدولة من تلبية الحاجات الأساسية على غرار الماء والكهرباء والصحة بعد 30 عاماً من نهاية الحرب الأهلية (1975-1990). وتتألف الطبقة الحاكمة في لبنان بمعظمها من زعماء كانوا جزءاً من الحرب الأهلية المدمرة التي شهدتها البلاد، ولا زال أغلبهم موجوداً في الحكم منذ نحو ثلاثة عقود. ويمثّل هؤلاء الزعماء عموماً طبقة طائفية أو منطقة معينة.