تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بمواصلة محاولاته للتوصل لاتفاق بريكست جديد مع بروكسل، بعد أن خسر تصويتًا جديدًا اليوم الثلاثاء خلال جلسة فوضوية للبرلمان. وانتقد جونسون المعارضة لتصويتها ضد طلبه إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في جلسة استمرت لفترة طويلة ليل الاثنين الثلاثاء، قبل أن يتم تعليق أعمال البرلمان حتى 14 أكتوبر، أي قبل أسبوعين فقط من الموعد المحدد لبريكست. وقال جونسون: "إنّه سيبذل قصارى جهده للوصول لاتفاق" خلال قمة في بروكسل الشهر المقبل، مشيرًا إلى أن البديل سيكون مغادرة "بلا اتفاق" يحذر مراقبون من أنها ستؤدي لفوضى اقتصادية، واتهم جونسون خصومه بالتهرب من واجبهم بعرقلة إجراء انتخابات مبكرة، وعقد جونسون اجتماعًا لحكومته الثلاثاء للتخطيط لخطواته المقبلة بعد سلسلة من الاستقالات والطرد أفقدته الغالبية البرلمانية وجعلته غير قادر على ضمان الأصوات اللازمة لإجراء انتخابات مبكرة، ومن المقرر أن يلتقي جونسون مع أرلين فوستر زعيمة الحزب الوحدوي الديموقراطي في أيرلندا الشمالية، وسط شائعات بأنه سيخفف مطالبه التفاوضية حول المسائل الرئيسة المتمثلة في الحدود الأيرلندية والمسائل التجارية بعد بريكست، وحذّرت فوستر التي يريد حزبها أن تظل أيرلندا الشمالية جزءًا من بريطانيا، من أنه يجب عدم التضحية بالمقاطعة خلال المباحثات مع بروكسل، وقالت لسكاي نيوز: "ما يتحدث الناس عنه هو تفكك المملكة المتحدة"، وتابعت: "هذا ليس شيئًا يمكن أن يفعله أي رئيس وزراء في المملكة المتحدة". الحكومة "لن تؤجل بريكست" وكانت جلسة الاثنين في مجلس العموم الأخيرة قبل تعليق البرلمان لخمسة أسابيع، بموجب قرار موضع جدل كبير اتخذه جونسون، وشهدت أورقة البرلمان البريطاني مشاهد دراماتيكية الاثنين مع اقتراب جلسة النقاش من الانتهاء في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، ولوّح نواب حزب العمال المعارض بلافتات كتب عليها "صامتين" وهتفوا "العار عليكم" بوجه نواب الحكومة احتجاجًا على قرار تعليق أعمال البرلمان، ويعد تعليق أعمال البرلمان أمرًا طبيعيًا لكن جونسون لاقى انتقادات بإساءة استخدام السلطة بعد إطالته فترة التعليق مع اقتراب موعد بريكست، وأعلن رئيس مجلس العموم جون بركو أنّ هذا التعليق هو "الأطول منذ عقود" وهو "غير تقليدي" و"غير طبيعي"، وبعد عشر سنوات تولى فيها بركو رئاسة المجلس، أعلن أنه يعتزم الاستقالة في 31 تشرين الأول/أكتوبر، بعدما تعرض في الأشهر الماضية لاتهامات من أنصار بريكست متشدد بأنه تجاوز القواعد البرلمانية لتقويض موقعهم. وأثار قرار تعليق البرلمان الذي ندد به بركو باعتباره "فضيحة دستورية"، موجة استنكار في المملكة المتحدة حيث يشتبه المعارضون بأن بوريس جونسون اتخذ قراره لمنع النواب من مناقشة بريكست وإقحام البلاد في طلاق بلا اتفاق، وتلقى جونسون صفعات متتالية على مدى أسبوع عاصف، كانت أولها عصر الاثنين حين صوت مجلس العموم على قرار يلزم الحكومة بنشر الوثائق السرية المتعلقة بتداعيات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، للاشتباه بأن الحكومة قللت من شأنها. وقبل أي انتخابات، تريد المعارضة ضمان أنّ الطلاق بدون اتفاق لن يحصل بتاتًا وبالتالي هي تطالب بتأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لمدة ثلاثة أشهر، وهو مطلب أصبح -الاثنين- قانونًا نافذًا، ويُلزم هذا القانون رئيس الوزراء بأن يطلب من بروكسل هذا التأجيل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على بريكست بحلول 19 أكتوبر أي مباشرة بعد القمة الأوروبية، لكن جونسون يصر أنه لن يؤجل بريكست، وأكّد أنّ "هذه الحكومة لن تؤجل بريكست مجددا". "ثغرات كبيرة" باقية وصوّت البريطانيون في العام 2016 لمغادرة الاتحاد الأوروبي، لكنّ بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية، لا يزال البرلمان غير قادر على اتخاذ قرار بخصوص تطبيق نتيجة الاستفتاء، وتعهد جونسون الذي تولى منصبه في يوليو إخراج بلاده من الاتحاد في الموعد النهائي المحدد في 31 أكتوبر مهما كانت العواقب، حتى ولو كان ذلك يعني خروجًا دون التوصل لاتفاق، لكن الكثير من النواب رفضوا فكرة أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق ومرروا تشريعًا جديدًا يلزم جونسون بطلب تأجيل جديد إذا فشل في التوصل لاتفاق. وآخر فرصه للتوصل لاتفاق سيكون في قمة الاتحاد الأوروبي التي تستمر يومين والتي تبدأ في 17 أكتوبر، وقال محللون: "إنّ جونسون قد يضطر للاستقالة إذا لم يرغب بتقديم طلب التأجيل"، فيما ألمح وزراء إلى إمكانية تقديمه طعنًا قانونيًا ضد التشريع الجديد، ورفض النواب بالفعل اتفاق بريكست الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي مع بروكسل ثلاث مرات، في شكل كبير بسبب بنوده التي تسمح بالإبقاء على الحدود بين مقاطعة إيرلندا الشمالية وإيرلندا عضو الاتحاد الأوروبي، ويريد جونسون إلغاء خطة "شبكة الأمان" التي قد تبقي بريطانيا ملتزمة بالقواعد التجارية للاتحاد الأوروبي لفترة طويلة لتجنب إقامة نقاط تفتيش على الحدود، لكنّ بروكسل تتهمه بعدم تقديم بديل، والاثنين في اجتماع لجونسون مع رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار الاثنين، اتفق الطرفان على أن هناك "ثغرات كبيرة" باقية.