مع التحول الذي يشهده المجتمع اليوم، يعتقد البعض بأنه يمكنه القيام ببعض التصرفات الاجتماعية الدخيلة، وهنا يأتي دور المجتمع والأسرة من جهة للتوعية بمخاطر مثل تلك التصرفات وإبراز القدوات الحسنة والنُّصح بالحسنى والإرشاد لتصحيح التصرفات الخاطئة، إضافةً إلى دور الجهات القانونية في وضع نظام يُشكِّل قواعد ولوائح وضوابط نظامية وعقوبات صارمة لمن يتجاوز الذوق العام، خصوصًا إن كان ذلك التجاوز يتعدَّى الضرر بالغير. بناءً على قرار وزارة الداخلية والخاص بتطبيق ضوابط لائحة الذوق العام، والتي دخلت حيز التنفيذ ابتداءً من مطلع هذا الأسبوع، فقد أصبحت هناك 19 مخالفة للذوق العام يُعاقب مرتكبها بغرامات مالية أقلها 50 ريالاً، وأعلاها 3000 ريال، وبحسب تلك الضوابط فإن المخوّلين بضبط المخالفات وإيقاع الغرامات هم رجال الشرطة، كما سيتعيَّن على كل مخالف تغطية تكاليف الإصلاح وإزالة الأضرار الناجمة على أي مخالفات، كما نصت الضوابط المتعلقة بآلية تطبيق لائحة الذوق العام، بأحقية كل متضرر من أي من المخالفات المنصوص عليها، المطالبة بحقه الخاص، فيما أعطت الضوابط من صدرت بحقه مخالفة، التظلم عليها أمام دائرة الذوق العام في المحاكم الإدارية المختصة. حماية الذوق العام من الممارسات والسلوكيات الخاطئة والفاضحة أصبح أمرًا ضروريًا، خصوصًا في ظل اندفاع البعض للقيام ببعض المخالفات والتصرفات التي تخدش الحياء، إما بحثًا عن شهرة أو بفعل بعض التغرير أو رغبة في توثيق ذلك التصرُّف المشين بالصورة أو الفيديو، ثم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وتتضمَّن تلك التصرفات التنمُّر وإطلاق العبارات الخادشة للحياء أو الوصف العنصري أو الشتائم أو السخرية أو التعرض للمرافق العامة، وآمل أن تساهم مثل تلك العقوبات في الحد من مظاهر الإساءة للذوق العام سواء في الطرق أو المرافق أو الأماكن العامة، أو حتى من خلال مضمون ما يصل من وسائل التواصل الاجتماعية والرسائل الإلكترونية، وما تتضمَّنه من صورٍ وأفلام وعبارات وألفاظ ومقاطع تأتي إلى الهواتف بدون موافقة أو استئذان من صاحبها. لقد حث ديننا الحنيف المجتمع على حسن الخلق، وهو أهم مؤشرات الذوق العام، فالمحافظة على الذوق العام أمر متأصِّل في قيمنا في الأساس، وقد حثَّنا عليه المولى عز وجل سواء في القرآن الكريم، أو السنة النبوية المطهرة، والتي بيَّنت من خلال العديد من الأدلة أهمية التخلُّق بالأخلاق الحسنة، والتعامل بالحسنى مع الآخرين، ولكن هذا لا يمنع من تذكير المجتمع وتوعيتهم بأهمية الالتزام بالسلوك الحسن والذوق العام.