قضى من عمره طويلًا في ميادين الشرف والبطولة، وعاش صقرًا تناوب على حراسة ملكين تزعما خير أمة أخرجت للناس، خلف ملامحه الصارمة قلب كبير أحب وطنه وتفانى عقودًا في خدمة قادته.. لم يكن يؤدي عمله فحسب، كان يحمل مسؤولية عظيمة، ومهمة ثقيلة وجسيمة، لم تغفل عنها العين لحظة، أداها بجدارة وشجاعة رحل غدرًا وترك لنا سيرته البيضاء وقلوبًا تتفطر حزنًا، إنه اللواء الركن عبدالعزيز الفغم؛ الحارس الشخصي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، الذي ورث حراسة الملوك عن أبيه، فكان والد -المغفور له بإذن الله- بداح بن عبدالله بن هايف الفغم؛ يعمل مرافقًا شخصيًا للملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولازمه في كل مكان لمدة وصلت إلى ثلاثين عامًا. التحق الفقيد بكلية الملك خالد العسكرية مع بداية عام 1410ه، وتخرج فيها بنهاية عام 1412، وعُيّن باللواء الخاص وتمّ نقل خدماته إلى الحرس الملكي بعد دمجه مع اللواء الخاص. وعُرف الفغم؛ بإخلاصه للملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي عمل معه قرابة عشرة أعوام، تدرج خلالها حتى وصل إلى حراسة الملك الشخصية، ودفعه هذا الإخلاص والتمكن ليختاره الملك سلمان؛ حارسًا شخصيًا له، لمهاراته الاحترافية المتميزة، إضافة إلى السرعة البديهية وحسن التصرف، وحاز الفقيد لقب أفضل حارس شخصي في العالم من منظمة الأكاديمية العالمية. وحَظِيت مسيرته -رحمه الله- بعدد من المَشاهد التي لا تُنسى بينه وبين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- والتي حُفرت في ذاكرة السعوديين؛ لما مثّلته تلك المشاهد والصور من عمق العلاقة الأبوية الكبيرة بين خادم الحرمين وحارسه الشخصي الأمين، ودائمًا ما كانت سلامة الملك هي الشغل الشاغل لحارسه الأمين، وقد أظهر مقطع فيديو التُقط أثناء هبوط الطائرة الملكية في مطار موسكو في أواخر عام 2017م، وضع "الفغم" يده أمام الملك سلمان أثناء نزوله من سلم الطائرة، فور وصوله إلى العاصمة الروسية، بعد توقف السلم بشكل مفاجئ، في تصرف سريع أظهر يقظته التي أشاد بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع. وهناك مقطع آخر أظهر يقظة وحرص "الفغم" على سلامة خادم الحرمين؛ فحينما كان يحضر الملك سلمان -حفظه الله- برفقة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد حفلًا ثقافيًّا في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، على هامش زيارة خادم الحرمين لدولة الكويت في نهاية عام 2016م، حاول أحد الأشخاص وضْع يده على كتف الملك أثناء التقاط صورة معه؛ إلا أن الحارس الأمين سارع لمنع الشخص، وإبعاد يده عن خادم الحرمين؛ في لقطة نالت الاستحسان. و في مايو 2017، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورة للراحل اللواء الركن عبدالعزيز الفغم، وهو يربط رباط حذاء خادم الحرمين الشريفين ؛ وذلك خلال جلوس الملك سلمان في المقعد المخصص له لاستقبال ضيوف القمة الإسلامية الأمريكية. وأكد المغردون حينها أن الصورة تمثل علاقة الابن بأبيه؛ مشيدين باللفتة الطيبة من الحارس الأمين. رحم الله اللواء الفغم وأسكنه الله تعالى منازل الشهداء والصديقين، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.