وصفت الصين المحادثات التي أجراها المفاوضون الأمريكيون والصينيون ، الويم الأربعاء في شنغهاي بأنها "بناءة"، في حين اتّفق الجانبان على عقد جولة مفاوضات عديدة في سبتمبر، والمحادثات التي اختتمت الأربعاء في شنغهاي هي أول مفاوضات مباشرة بين الولاياتالمتحدةوالصين منذ توصّل البلدين لهدنة في الحرب التجارية القائمة بينهما، وأعلن المكتب الإعلامي للبيت الأبيض في بيان الأربعاء في ختام المحادثات أن المفاوضين تطرقوا إلى مسائل شائكة كالنقل القسري للتكنولوجيا وحقوق الملكية الفكرية والحواجز الجمركية. وقالت واشنطن: "إن الجانب الصيني أكد تعهده بشراء المنتجات الزراعية الأمريكية في شكل أكبر". وعلى الرغم من انتقادات حادة وجّهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبيل المحادثات إلى الصين بالتراجع عن وعودها، إلا أن وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" أعلنت أن محادثات الأربعاء كانت "بناءة"، وأوردت الوكالة الصينية أن "الجانبين أجريا محادثات صريحة ومفيدة جدًا وبناءة ومعمّقة حول القضايا الكبرى ذات الاهتمام المشترك في المجالين الاقتصادي والتجاري". وتابعت أن المفاوضين بحثوا "مسألة زيادة الصين مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية وفق حاجاتها"، كما توفير الولاياتالمتحدة "الظروف المؤاتية لعمليات الشراء هذه". وتخوض الصينوالولاياتالمتحدة منذ العام الماضي مواجهة تجارية تتمثل بتبادل فرض رسوم جمركية على سلع تتجاوز قيمتها 360 مليار دولار من المبادلات السنوية، وقبيل بدء محادثات مغلقة استمّرت نحو أربع ساعات، صافح الممثل الأمريكي للتجارة روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي المقرب جدًا من الرئيس شي جينبينغ. وهي الجولة الثانية عشرة من المفاوضات بين القوتين الاقتصاديتين الكبريين وأول محادثات أمريكية صينية وجها لوجه منذ إخفاق آخر الجولات السابقة قبل ثلاثة أشهر، وكانت مدة المحادثات قصيرة نسبيًا، وخرج المجتمعون أبكر مما كان متوقّعا لالتقاط صورة تذكارية قبل أن يتوجّه الوفد الأمريكي إلى المطار من دون الإدلاء بأي تصريح، وبينما التقى المفاوضون الأمريكيون والصينيون على مائدة العشاء الثلاثاء، لم يتردد ترامب في مهاجمة بكين. وقال: "إن فريقي يقوم بالتفاوض معهم الآن، لكنهم (الصينيون) ينتهون دائمًا بتعديل الاتفاق لما فيه مصلحتهم". ورأى ترامب أن "الصين تعاني كثيرًا، هذه أسوأ سنواتها خلال 27 عامًا، كان يُفترض أن تبدأ بشراء منتجاتنا الزراعية لا شيء يوحي بأنها تفعل ذلك، هذه هي المشكلة مع الصين، فهي لا تفعل بكل بساطة ما تقول إنها عازمة على القيام به"، واعتبر الرئيس الأمريكي أن الصين تراهن على الوقت وتنتظر الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2020، آملة في أن يمنى بهزيمة. لكنه هدد بالقول: "إنه لن تجد سوى اتفاق سيكون أقسى بكثير من الاتفاق الذي نتفاوض عليه الآن أو لا اتفاق على الإطلاق، إذا فاز في الانتخابات"، وكان ترامب قد اتّهم سابقًا الصين بالتراجع عن التزاماتها عندما انهارت المحادثات في مايو، وقد نسفت تهديداته آمال التوصل إلى مصالحة، ورأى ستيفن اينيس المحلل في الشركة الاستثمارية "فانغارد ماركيتس" أن هذا الهجوم الجديد لترامب ضد الصين "قوض تفاؤل الأسواق بشأن المفاوضات التجارية". وعبّرت صحيفة "الشعب" الصينية من جهتها عن أسفها لأن "طبول بعض الأمريكيين تسبب نشازًا في اللحن الرئيسي". تباعد كبير وفي مؤتمر صحافي في بكين حمّلت متحدّثة باسم وزارة الخارجية الصينية بكل وضوح الولاياتالمتحدة مسؤولية المأزق الحالي، ولدى سؤالها عن المحادثات في شنغهاي قالت هوا تشونيينغ "عندما يكون أحدهم مريضًا، من غير المجدي أن يُطلب من شخص آخر تناول الدواء"، وتابعت: "اعتقد أن على الولاياتالمتحدة أن تبدي الآن صدقية أكبر وحسن نية فيما يتعلّق بالمفاوضات التجارية". من جهته قال ستيفن كيرشنر وهو مدير برنامج في مركز دراسات الولاياتالمتحدة في جامعة سيدني لوكالة فرانس برس: "إنه من الواضح أن الجانبين متباعدان جدًا"، وقال: "يمكننا أن نستنتج أن هذه المحادثات كانت تمهيدية إلى حد كبير، وتهدف إلى إنعاش (المفاوضات) بعد انهيارها في مايو"، وقبل أيام من بدء المفاوضات، هدد ترامب بمهاجمة منح صفة الدول النامية لبعض البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، في خطوة تستهدف الصين أولا، وفي رد قاس الاثنين أدانت بكين "وقاحة وأنانية" الولاياتالمتحدة، ولم تكن الآمال بتحقيق اختراق في المحادثات كبيرة، وقد امتنع مفاوضو البلدين عن الإدلاء بتصريحات علنية، وقد تعمّد المفاوضون الأمريكيون الدخول والخروج من الفندق الذي أقاموا فيه من الأبواب الجانبية لتفادي الظهور العلني ولم يدلوا بتصريحات صحافية. ولمَّح ترامب الجمعة إلى أن الصين يمكن أن تتعمد إطالة أمد المفاوضات حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في 2020، على أمل وصول رئيس يمكن التعامل معه بسهولة. وقال ديريك سيزرز الباحث في معهد "أمريكان إنتربرايز": إن ترامب لا يمكنه أن يتحمّل سياسيًا القول إنه عقد اتفاقًا عظيما مع الصين إن لم يكن الاتفاق كذلك، مضيفًا: "لذا فإن النتيجة الأكثر ترجيحًا هي عدم التوصل لأي شيء حتى موعد الانتخابات".