من المتوقع أن يعلن حزب المحافظين البريطاني اليوم، الثلاثاء، عن نتيجة التصويت لاختيار رئيس جديد له، ويكاد المراقبون لمسيرة تصويت الحزب يجمعون على أن بوريس جونسون سيكون هو الرئيس القادم للحزب، وبالتالي رئيس وزراء بريطانيا الذي يحل محل رئيسة الوزراء الحالية، ويرث منها عبء القضايا المتشعبة المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي بأقل قدر من الخسائر المادية والمعنوية. وكان بوريس جونسون من قادة حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي ومن أكثرهم شراسة في هذا الأمر، حتى أن تصريحاته دفعت بعض السياسيين الى تقديم شكوى ضده في المحاكم تتهمه فيها بالغش والكذب فيما يتعلق بعلاقة بريطانيا بأوربا. ويصف البعض رئيس الوزراء القادم أنه نسخة بريطانية من دونالد ترمب، الرئيس الأميركي، أسلوباً وسياسة. ووعد بوريس جونسون بأنه سيخرج بريطانيا من الاتحاد الأوربي حتى بدون اتفاق مع الاتحاد، وتردد أنه قد يجمد عمل البرلمان إذا اكتشف أنه لا يستطيع تمرير قرار خروج بريطانيا، بدون اتفاق، عبره. لذا سارع البرلمانيون للتصويت بنجاح، الأسبوع الماضي، على قرار يجعل من الصعب أو غير الممكن على أي رئيس وزراء تجميد عمل برلمانهم. ولدى بوريس جونسون خبرة سياسية جيدة وواسعة فهو كان عمدة مدينة لندن، وأثار الكثير من الجدل حول عمله وشخصيته، كما تولى وزارة الخارجية، وهو عضو في البرلمان لسنوات عديدة. وقد أرسل لي أحد الأصدقاء معلومات عن الرئيس القادم لوزراء بريطانيا لم أكن أعرفها من سابق وأعتقد أنه من الأفضل الاطلاع عليها لفهم شخصية الرجل. فمنذ قرن من الزمان، في مثل هذا الوقت، كما قال صديقي، كان وزير خارجية تركيا علي كمال بيه، الذي أنشأ جمعية، في وقتها، تطالب بأن تصبح تركيا محمية بريطانية. وعندما أكمل أتاتورك استعادة تركيا من قبضة البريطانيين والفرنسيين والإيطاليين واليونان والأرمن في نوفمبر 1922 عمل على اعتقال علي كمال الذي أعدم شنقاً وعلقت جثته على شجرة. ويقول صديقي: «خلال بضعة أيام من الآن سيصبح حفيد علي كمال، بوريس جونسون، رئيساً لوزراء المملكة المتحدة. فابن علي كمال، عثمان، غيَّر اسمه الى ويلفرد جونسون مستخدماً اسم ولقب أم أمه قبل الزواج. وكان علي كمال، الوزير التركي، صحفياً وسياسياً كما كان الحال مع حفيده ستانلي جونسون وأولاد ستانلي، بوريس وجو، اللذين عملا في الصحافة وتوليا مناصب وزارية (في بريطانيا) . وتحمل أختهما راشيا صبيحة جونسون اسم الزوجة الثانية لعلي كمال». يتولى بوريس جونسون رئاسة وزراء بريطانيا في وقت تاريخي بالنسبة للبلاد، إذ إن الانسحاب من الاتحاد الأوربي، والذي سيتم بشكل أو آخر، سيؤدي الى تغييرات كثيرة في الأنظمة والمجتمع والاقتصاد، فالأنظمة سيتم استبعاد ماهو أوربي منها وإحلال جديد محلها، والمجتمع سيشهد انقساماً ما بين الأوربيين القادمين من أوربا والبريطانيين، والاقتصاد سيتغير حيث سيصبح التصدير لأوربا والاستيراد منها يتطلب إجراءات مختلفة، وستجد الشركات الكبيرة أن عليها مقارنة حسنات وسيئات تواجدها في لندن أو أوربا، كما ستجد بريطانيا نفسها في انتظار حسن نية أميركا، اقتصادياً لها. وكانت بريطانيا أقرب دول العالم الى أميركا وهناك تاريخ لتوحيد الموقفين الأميركي والبريطاني تجاه قضايا العالم، لذا نجد أن اختيار بوريس جونسون، القريب من دونالد ترمب، رئيساً لوزراء بريطانيا ربما يؤدي الى تقارب أكثر مابين الرجلين والبلدين. ونشاهد تحالفاً محتملاً يعيد بوصلة واشنطن باتجاه بريطانيا وأوربا كحليف يكاد الأميركيون يفقدونه ويجد البريطانيون أنفسهم ما بين خيار أن يكونوا أوربيين وهو خيار لا يبدو أنهم يحبذونه، أو أن يكونوا وكلاء أميركا في أوربا، وهو دور طالما أجادوه منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.