أعلنت إيران الاثنين أن احتياطاتها من اليورانيوم المخصب ستتجاوز اعتبارا من 27 يونيو الحدود التي ينصّ عليها الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الموقع في 2015، وذلك في إطار زيادة الضغط بعد انسحاب الولاياتالمتحدة من هذا الاتفاق في 2018. وأبرم الاتفاق النووي في فيينا في 14 تموز/يوليو 2015 بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولاياتالمتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا) والمانيا. وأتاح انهاء سنوات من عزلة ايران ورفع قسم من العقوبات الاقتصادية الدولية التي كانت مفروضة عليها، مقابل التزام طهران بالحد من أنشطتها النووية لضمان عدم سعيها لامتلاك سلاح ذري. إلا أن واشنطن انسحبت بشكل أحادي في مايو 2018 من الاتفاق وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران التي تمارس ضغوطاً على شركائها الذين لا يزالون في الاتفاق لمساعدتها على تخفيف العواقب على اقتصادها. وحتى الآن، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تحترم الالتزامات التي اتخذتها بموجب هذا الاتفاق. وقال الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي في مؤتمر صحافي بثه التلفزيون الإيراني مباشرة "اليوم بدأ العد العكسي لتجاوز ال300 كلغ لمخزونات اليورانيوم المخصب، وخلال عشرة أيام أي في 27 يونيو، سنتجاوز هذه الحدود". ويأتي هذا الإعلان على خلفية توتر شديد بين إيرانوالولاياتالمتحدة التي عزّزت وجودها العسكري في الشرق الأوسط للتصدي ل"التهديد الإيراني" المفترض، وتحمّل طهران مسؤولية الهجمات الأخيرة على ناقلات نفط في الخليج، الأمر الذي تنفيه طهران. ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يعتبر إيران تهديداً وجودياً لبلاده، المجتمع الدولي إلى فرض "عقوبات على الفور" ضد إيران في حال تجاوزت مخزونها من اليورانيوم المحدد لها بموجب الاتفاق النووي. توتر إيراني - أميركي وبعد عام على انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق فيينا، أعلنت إيران في الثامن من مايو 2019 أنها قررت وقف الالتزام باثنين من التعهدات التي قطعتها بموجب الاتفاق النووي. وكان البندان يحددان احتياطي اليورانيوم المخصب ب300 كلغ واحتياطي المياه الثقيلة ب130 طنا. وفي اليوم نفسه، أعطت إيران الدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق مهلة 60 يوما لمساعدتها على الالتفاف على العقوبات الأميركية. وهددت إيران في حال عدم تلبية مطالبها خلال مهلة الستين يوما، بتجاوز بندين آخرين من تعهداتها بشأن برنامجها النووي. وفي حال انقضاء هذه المهلة من دون ورود ردّ إيجابي قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده "لن تواصل الالتزام" بالقيود المفروضة في ما يتعلّق ب"نسبة تخصيب اليورانيوم"، مؤكدا أن بلاده "ستستأنف مشروع بناء مفاعل اراك للمياه الثقيلة، حيث عقد كمالوندي المؤتمر الصحافي. وأوقف العمل في مفاعل اراك تطبيقاً لاتفاق قيينا الذي يفرض على طهران أيضاً عدم تخصيب اليورانيوم بدرجات تفوق 3,67 % وهو معدّل ضعيف وأقلّ بكثير من نسبة ال90% الضرورية لصناعة القنبلة الذرية. يوم أو يومين وأشار كمالوندي إلى أنه لم يُتخذ "أي قرار" بشأن ما يسمّيه الإيرانيون "المرحلة الثانية" من "خطة تخفيض" التزاماتهم في الملف النووي. وفي ما يخصّ تخصيب اليورانيوم، قال كمالوندي "بحثنا سيناريوهات عدة ... تبدأ بالانتقال إلى نسبة 3,68%، وصولا إلى أي نسبة أخرى بناء على حاجات البلاد". وبشأن مسألة مفاعل اراك، أكد أن السلطات لا تزال تناقش لمعرفة ما إذا سيكون مناسباً عند الضرورة "إعادة تصميمه أو إعادة إحيائه"، محذّراً من أن تطبيق قرار محتمل بزيادة درجة تخصيب اليورانيوم "لن يستغرق أكثر من يوم أو يومين". واستقبل الرئيس روحاني الاثنين سفير فرنسا لدى إيران فيليب تييبو، وصرّح أن باريس "لا يزال لديها وقت" مع الأطراف الآخرين لانقاذ الاتفاق الذي لن يكون "انهياره بالتأكيد (...) في مصلحة إيران ولا فرنسا ولا المنطقة ولا العالم"، حسب ما جاء على موقع الحكومة الإيرانية. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع إجمالي الناتج المحلي إلى أقل من 6% هذا العام، بعد انخفاضه إلى نحو 4% عام 2018. وأطلقت باريس وبرلين ولندن في مطلع العام "أداة دعم المبادلات التجارية" (انستكس) بهدف الالتفاف على العقوبات التي تفرضها الولاياتالمتحدة على ايران، إلا أن هذه الآلية لم تنجز أي معاملة حتى الآن. وتحثّ الدول الاوروبية الثلاث التي تبدو غير قادرة على التصرف مقابل العقوبات الأميركية، طهران على مواصلة احترامها للاتفاق رغم كل شيء. ولم يعطِ كمالوندي أي معلومة عن مستوى مخزون المياه الثقيلة لدى إيران (الذي بلغ 125,2 طنا في التقرير الأخير الذي نشرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 31 مايو). وتعتبر إيلي جيرنمايه المكلفة الأبحاث حول إيران في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، أن "مسألة مستوى المخزون مهمة بالطبع، لكن (على الأوروبيين) أن يشعروا بقلق أكبر في حال تجاوزت إيران الدرجة (القصوى) لتخصيب (اليورانيوم المحددة في الاتفاق) كما هدّدت". وكتبت في تغريدة "أعتقد أن طهران ستقوم بذلك بطريقة تدريجية مختبرةً الأوروبيين في كل مرحلة". وحذّرت من أن "طهران لا تخادع" وأنه "لا يزال هناك أقلّ من أسبوعين" قبل انقضاء المهلة.