وبدأ شهر الصبر ولكن للأسف الشديد اليوم أصبح الكثير منا قليل الصبر وسريع الطلب والتعجل في أمور الحياة اليومية رغم أن الخالق عز وجل أمر في قوله: (واصبر وما صبرك إلا بالله).. الآية. وقوله: (إن الله مع الصابرين إذا صبروا).. الآية. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الصبر مطية لا تكبو». وتعني أن خُلق الصبر إذا اعتمد عليه الإنسان في بلوغ هدفه ومراده فإنه حتما سوف يصل، لأن الصبر خلق لا يخذل صاحبه. ومنطلقاً في تعامله في هذه الحياة الدنيا مع أنواع ما فيها من الابتلاءات أن يكون متسلحاً ومتذرعاً بالصبر الذي أمر الله تعالى به في كتابه العزيز في مواضع عديدة، وبيَّن ثمراته وحسن عاقبته، وأمر به نبي الهدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وحث المؤمنين على أن يكونوا على منواله. والصبر كما يقول العلماء هو في معناه اللغوي: الحبس، والمعنى في ذلك أن يكون الإنسان حابساً نفسه عن التشكي وعن الجزعِ، وعن تسخطه على ربه سبحانه، أو على أقداره، وهذا المنطلق يجعل المؤمن في طمأْنينة؛ لأن الصبر ينظر من خلاله المؤمن إلى هذه الابتلاءات، على أنها مما يصيبه في الدنيا. واعلم أنه عليه السلام بعد أن نهى عن الحسد أمر بالصبر وانتظار الفرج من الله، إما بموت مريح، أو بظفر بالمطلوب. والصبر من المقامات الشريفة، وقد ورد فيه آثار كثيرة. روى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله. وقالت عائشة: لو كان الصبر رجلاً لكان كريماً. وقال علي عليه السلام: الصبر إما صبر على المصيبة، أو على الطاعة، أو عن المعصية، وهذا القسم الثالث أعلى درجة من القسمين الأولين. وعنه عليه السلام قال: «الحياء زينة والتقوى كرم، وخير المراكب مركب الصبر». وعنه عليه السلام قال: «القناعة سيف لا ينبو، والصبر مطية لا تكبو، وأفضل العدة الصبرعلى الشدة». كان هناك رجل عرف عنه التقوى والصلاح، كان هذا الرجل كلما أصابته مصيبة أو بلاء كان يقول دائماً: (خيراً إن شاء الله)، وفي ليلة من الليالي جاء ذئب فأكل ديكاً له كان يربيه في مزرعته، فقال الرجل جملته المعتادة: (خيراً إن شاء الله)، ثم ضُرب في هذه الليلة كذلك كلبه الذي كان يحرس منزله فمات على الفور، فقال الرجل من جديد: (خيراً إن شاء الله)، ثم سمع حماره ينهق ويموت قدراً، فقال الرجل: (خيراً إن شاء الله). فتضايق أهله كثيراً منه، واتهموه بالبرود والبلادة، وفي اليوم التالي نزل أناس أشرار ظالمون أغاروا على بلدته فقتلوا كل من بالمنطقة ولم ينجُ منها إلا هو وأهل منزله فقط، حيث استدل الذين اعتدوا على المنازل بصياح الديكة ونباح الكلاب ونهيق الحمير، وهكذا قد مات كل من كان يملكهم، وكانت كل الأشياء التي أصابته هو وأهله في الليلة السابقة خيراً لهم وسبباً في نجاتهم من القتل، فسبحان الذي يدبر الأمر وهو بكل شئ عليم.